من مضاف إليه معلوم مقدر ، كما في قوله تعالى : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ)(١) ، و (كُلًّا هَدَيْنا)(٢) والقصد ههنا الابهام ، وهاء التنبيه أيضا مناسب للنداء ، إذ النداء أيضا تنبيه ، ثم ، لكون اسم الإشارة أوضح من «أي» وصف «أي» به في بعض المواضع نحو : يا أيهذا ، فيقتصر عليه.
وإنما توصّل بأي إلى نداء اسم الإشارة لأن اسم الإشارة في الأصل ما يشار به للمخاطب إلى شيء ، فهو في أصل الوضع لغير المخاطب ، ولهذا يؤتى فيه بحروف الخطاب كما يجيء في بابه ، فتحوشي في بعض الأماكن من أن يدخله حرف يجعله مخاطبا أي حرف النداء ، ففصل بينهما بأيّ في بعض المواضع ، لتناكرهما في الظاهر ، ثم قد يوصف هذا الوصف باسم الجنس نحو يا أيهذا الرجل ، فعلى ما ذكرنا ، ليس هذا التركيب مصوغا لأجل نداء المعرف باللام ، على ما أومأ إليه المصنف ، بل لأجل نداء اسم الإشارة ، بدليل اقتصارهم كثيرا على نحو يا أيهذا من دون الوصف باسم الجنس.
وقال الأخفش في : يا أيها الرجل : أيّ موصول وذو اللام بعده خبر مبتدأ محذوف والجملة صلة أيّ ، وإنما وجب حذف هذا المبتدأ لمناسبة التخفيف للمنادى ، ولا سيّما إذا زيد عليه كلمتان أعني أيها ؛ ويصح تقوية مذهبه بكثرة وقوع «أي» موصولة في غير هذا الموضع ، وندور كونها موصوفة ، كما يجيء في باب الموصولات.
قيل : لو كانت موصولة لكانت مضارعة للمضاف فوجب نصبها ، والجواب ، أنه إذا حذف صدر صلتها فالأغلب بناؤها على الضم كما يأتي في الموصول ، فحرف النداء ، على هذا ، يكون داخلا على اسم مبني على الضم فلم يغيّره وإن كان مضارعا للمضاف ، كما في قولك : يا من قال كذا.
والأكثرون على أن ذا اللام وصف لاسم الإشارة في النداء وغيره ، لأنه اسم دال على
__________________
(١) الآية ٣٢ من سورة الزخرف
(٢) الآية ٨٤ من سورة الأنعام.