وألا إنّ (١) ، على ما يجيء في موضعيهما ، قالوا : وليس المحذور اجتماع التعريفين المتغايرين بدليل قولك : يا هذا ، ويا عبد الله ، ويا أنت ، ويا ألله ؛ بل الممتنع اجتماع أداتي التعريف لحصول الاستغناء بأحدهما.
وقال المبرد ، في الأعلام ، إنها تنكر ثم تعرف بحرف النداء ، ولا يتم ما قال في : يا ألله ، ويا عبد الله (٢).
وقال المازني ، في اسم الإشارة : ينكّر ثم يجبر بحرف النداء ، ومن ثمّ لا يقال : هذا أقبل ، أي يا هذا.
ولا حاجة إلى ما ارتكبا ، إذ لا منع من كون الشيء المعيّن مواجها مقصودا بالنداء ، وأي محذور من اجتماع مثل هذين التعريفين ؛
هذا ، ولما قصدوا الفصل بين حرف النداء واللام (٣) بشيء ، طلبوا اسما مبهما غير دال على ماهية معيّنة ، محتاجا بالوضع في الدلالة عليها إلى شيء آخر ؛ يقع النداء في الظاهر على هذا الاسم المبهم لشدة احتياجه إلى مخصصه الذي هو ذو اللام.
وذلك أن من ضرورة المنادى أن يكون متميز الماهية ، وإن لم يكن معلوم الذات ، فلا معنى لنحو : يا شيء ، ويا موجود ، إلا أن يكنى بمثلهما عن أن المخاطب ، ما فيه شيء ، مما يكون في العقلاء إلا أنه يقع عليه اسم الشيء والموجود ، وهذا مجاز ، وكلامنا في الحقيقة.
فوجدوا الاسم المتصف بالصفة المذكورة «أيّا» بشرط قطعه عن الإضافة ، إذ هي تخصصه ، نحو : أي رجل ، واسم الإشارة ، وأما لفظ شيء ، وما بمعنى شيء ، فإنهما وإن كانا مبهمين ، لكن لم يوضعا على أن يزال إبهامهما بالتخصيص ، بخلاف : أي ،
__________________
(١) اجتمع في «لقد» لام التوكيد وحرف التحقيق ، وفي «ألا إن» حرفان يستفتح بهما الكلام ويدلان على الثبوت وتزيد «ان» بافادتها التوكيد.
(٢) لأن لفظ الجلالة لا يقبل التنكير ولو فرضا ، والعلم المضاف إلى لفظ الجلالة انما اكتسب التعريف منها.
(٣) أي حرف التعريف.