ما كان في الأصل صوتا ، وإن لم يبيّن بالجار نحو : أيها ، أي كفّا ، وويها أي زيادة.
وذلك أن الأصوات بعيدة من الاشتقاق والتصرف ، والمصدر أصل في باب التصرف والاشتقاق ، إذ جميع أنواع الأفعال والاسماء المتصلة بها صادرة عنه (١) على الصحيح من المذهب ، فلما صار ما لا يشتق منه قائما مقام المشتق منه قطع عنه الفعل الناصب له نصب المفعول المطلق لأنه في الأغلب يكون مشتقا من مفعوله المطلق.
والأصوات القائمة مقام المصادر ، يجوز اعرابها نصبا ، إلا أن تكون على حرفين ثانيهما حرف مد ، نحو : وي لزيد ، وذلك نحو آها وواها ، وويها ، ويجوز إبقاؤها على البناء الأصلي ، نحو : «أفّ» لكما» (٢) ، وأوه على إخواني ، وآه من ذنوبي.
والظاهر أن : ويلك وويحك ، وويسك وويبك ، من هذا الباب ، وأصلها كلها : وي على ما قال الفراء ، جيء بلام الجر بعدها مفتوحة مع المضمر ، نحو : وي لك ووي له ، ثم خلط اللام بوي ، حتى صارت لام الكلمة ، كما خلط اللام بيا ، في قوله :
٨٣ ـ فخير نحن عند الناس منكم |
|
إذا الداعي المثوّب قال يالا (٣) |
فصار معربا بإتمامه ثلاثيا (٤) ، فجاز أن يدخل بعدها لام أخرى ، نحو ويلا لك ، لصيرورة الأولى لام الكلمة ، ثم نقل إلى باب المبتدأ ، فقيل ويل لك ، كما قيل في سلام عليك ، ثم جعل ويح ، وويب ، وويس ، كنايات عن ويل ، وهذا كما قالوا : قاتله الله بمعنى
__________________
(١) ومن الأدلة على ذلك تسميته مصدرا ، أي مكان الصدور لأن غيره صدر عنه كما قال الشارح. ويضطر الكوفيون الى أن يقولوا ـ على مذهبهم ـ ان كلمة (مصدر) مصدر ميمي وليست اسم مكان. وان المصدر الميمي مؤول باسم الفاعل أي الصادر عن غيره وفيه من التكلف ما لا يخفى.
(٢) الآية ١٧ من سورة الأحقاف.
(٣) المثوب معناه المستغيث الذي يدعو الناس لنصرته وأصله أنه كان يلوح بثوبه ليراه الناس فيغيثونه. وبعده :
ولم تثق العواتق من غيور |
|
بغيرته وخلّين الحجالا |
وهما بيتان أوردهما أبو زيد الأنصاري في نوادره ونسبهما إلى زهير بن مسعود الضبي كما قال البغدادي في الخزانة
(٤) أي بعد أن أصبح ثلاثيا.