كان ولي الفعل ، والمعنى : هو لك ، أي هذا الدعاء لك ؛ وكذا كل ما قبله «من» التبيينية المبينة للمعارف نحو قوله تعالى : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)(١) ؛ إن جعلنا «ما» بمعنى الذي وأما المبينة للنكرة فهي صفة لها ، كما لو جعلنا «ما» في الآية نكرة.
وقد بيّن ، أيضا ، بعض أنواع المفعول به اللازم إضمار فعله بحرف الجر (٢) نحو : مرحبا بك ، وأهلا بفلان ، أي هذا الدعاء مختص بك ، هذا إن فسّرت مرحبا بموضع الرحب ، أي أتيت موضعا رحيبا ، وإن فسّرته بالمصدر أي رحب موضعك مرحبا أي رحبا ، فهو من هذا الباب.
والجملة المفسرة المحذوفة المبتدأ ، لا محل لها لأنها مستأنفة.
ثم اعلم أن هذه المصادر مع الحال المذكورة من استحسان حذف فعلها للدواعي المذكورة ، إما أن يتوغل في حذف فعلها بحيث لا ينوى قبلها تقديرا بل يصير المصدر عوضا منه وقائما مقامه كالمصادر الصائرة أسماء أفعال ، كما يجيء في بابها ، نحو : هيهات ورويد ، وشتان ، فتبني ، لقيامها مقام المبني ، ولا يكون لها ، إذن ، محل من الإعراب كما لم يكن للفعل الذي قامت مقامه ، وبناؤها على الفتح أكثر ، إذن ، لتبقى مبنية على الإعراب الذي استحقته حال المصدرية ، فيرجع ، إذن ، في استعمال الفاعل والمفعول بعدها إلى الوجه الذي كانا يستعملان عليه مع الفعل ، لصيرورة المصدر كالفعل ، فيقال هيهات زيد.
ويجوز أن يراعى أصلها في المصدرية مع كونها أسماء أفعال فيستعمل الفاعل والمفعول بعدها استعمالهما مع المصدر ؛ قال الله تعالى : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)(٣) ، فهو بمنزلة : بعدا لما توعدون استعمالا ، وأما في المعنى ، فهيهات اسم فعل ، وإلا لم يبن.
__________________
(١) الآية ٥٣ من سورة النحل. وتقدمت.
(٢) متعلق بقوله وقد بيّن.
(٣) الآية ٣٦ من سورة المؤمنون.