وفي نهج البلاغة في الخطبة البكالية (١) : «نحمده على عظيم إحسانه ، ونيّر برهانه ، ونوامى فضله وامتنانه ، حمدا يكون لحقه أداء».
وأما ما بيّن فاعله بالإضافة نحو : كتاب الله ، وصبغة الله وسنة الله ووعد الله ، وحنانيك ودواليك ، أو بين مفعوله بالإضافة نحو : ضرب الرقاب وسبحان الله ولبيك وسعديك ومعاذ الله ؛ أو بيّن فاعله بحرف جر نحو : بؤسا لك أي شدة ، وسحقا لك أي بعدا ، وكذا بعدا لك ، أو بيّن مفعوله بحرف جر ، نحو : عقرا لك أي جرحا ، وجدعا لك ، والجدع قطع الأنف أو الأذن ، أو الشفة أو اليد ، وشكرا لك وحمدا لك ، وعجبا منك ، فيجب حذف الفعل في جميع هذا قياسا.
والمراد بالقياس أن يكون هناك ضابط كليّ ، يحذف الفعل حيث حصل ذلك الضابط ، والضابط ههنا ما ذكرنا من ذكر الفاعل والمفعول بعد المصدر مضافا إليه أو بحرف الجر ، لا لبيان النوع ، احترازا عن نحو قوله تعالى : (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ)(٢) و : (وَسَعى لَها سَعْيَها)(٣).
وإنما وجب حذف الفعل مع هذا الضابط ، لأن حق الفاعل والمفعول به أن يعمل فيهما الفعل ويتصلان به ، فاستحسن حذف الفعل في بعض المواضع إمّا إبانة لقصد الدوام واللزوم بحذف ما هو موضوع للحدوث والتجدد ، أي الفعل ، في نحو : حمدا لك ، وشكرا لك ، وعجبا منك ، ومعاذ الله ، وسبحان الله.
وإما لتقدم ما يدل عليه ، كما في قوله تعالى : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ)(٤) ، و (صِبْغَةَ اللهِ)(٥) ، و : (وَعْدَ اللهِ)(٦) ، أو لكون الكلام مما يستحسن الفراغ منه بالسرعة ، نحو :
__________________
(١) البكالية نسبة الى بكالة. قبيلة من اليمن ؛ منها عوف البكالي حاجب سيدنا علي رضي الله عنه وفي نهج البلاغة ج ١ ص ٤٢٩ طبعة الحلبي سنة ١٩٦٣. أنه هو الذي روى هذه الخطبة.
(٢) الآية ٤٦ من سورة ابرهيم.
(٣) الآية ١٩ من سورة الاسراء
(٤) الآية ٢٤ من سورة النساء
(٥) الآية ١٣٨ من سورة البقرة.
(٦) الآية ٦ من سورة الروم.