أي تذهب وتهلك ، والطوائح بمعنى المطيحات ، يقال طوّحته الطوائح وأطاحته الطوائح ، أي ذهبت به ورمت به ، ولا يقال : المطوّحات ولا المطيحات ، وهو إما على حذف الزوائد ، مثل : أورس فهو وارس ، وأعشب فهو عاشب ، أو على النسب ، مثل ماء دافق أي ذو دفق.
يقال : طاح يطوح ، مثل : قال يقول ، وطاح يطيح وهو واوى من باب فعل يفعل بكسر العين فيهما عند الخليل.
وقوله مما تطيح متعلق بمختبط ، أي يسأل من أجل إذهاب الوقائع ماله ، و «ما مصدرية أو ، بيبكي المقدر ، أي يبكي لأجل إهلاك المنايا يزيد ، ويجوز أن تكون «ما» بمعنى التي ، أي لأجل خلال الكرم التي طوّحتها الطوائح ، وتطيح على كل تقدير : حكاية حال ماضية : يورد الماضي بصورة الحال إذا كان الأمر هائلا لتصويره للمخاطب ، نحو : لقيت الأسد ، فأضربه فأقتله.
قوله : «ووجوبا في مثل : «وان أحد من المشركين استجارك» (١) ، إنما كان الحذف واجبا مع وجود المفسّر نحو : استجارك ، الظاهر ، لأن الغرض من الإتيان بهذا الظاهر : تفسير المقدر ، فلو أظهرته لم تحتج إلى مفسّر لأن الإبهام المحوج إلى التفسير ، إنما كان لأجل التقدير ، ومع الإظهار لا إبهام ، والغرض من الإبهام ثم التفسير ، إحداث وقع في النفوس لذلك المبهم ، لأن النفوس تتشوق ، إذا سمعت المبهم ، إلى العلم بالمقصود منه ، وأيضا ، في ذكر الشيء مرتين : مبهما ثم مفسّرا توكيد ليس في ذكره مرة ، وإنما لم يحكم بكون «أحد» مبتدأ ، واستجارك خبره لعلمهم بالاستقراء باختصاص حرف الشرط بالفعلية.
على أنه نسب إلى الأخفش جواز وقوع الاسمية بعدها بشرط كون الخبر فعلا ، فمثالنا ، على مذهبه ، إذن ، ليس من قبيل ما نحن فيه.
__________________
(١) الآية ٦ من سورة التوبة.