مقدّمة الرّضى
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله الذي جلّت آلاؤه عن أن تحاط بعدّ ، وتعالت كبرياؤه عن أن تشتمل بحدّ ، تاهت في موامى معرفته سابلة الأفهام ، وغرقت في بحار عزته سابحة الأوهام ؛ كل ما يخطر ببال ذوي الأفكار فبمعزل عن حقيقة ملكوته ، وجميع ما تعقد عليه ضمائر أولي الأبصار فعلى خلاف ما ذاته المقدسة عليه من نعوت جبروته ؛
وصلواته على خاتم أنبيائه ، ومبلّغ أنبائه ، محمد بن عبد الله المبشّر به قبل ميلاده ، وعلى السادة الأطهار من عترته وأولاده ؛
وبعد فقد طلب إليّ بعض من أعتنى بصلاح حاله ، وأسعفه بما تسعه قدرتي من مقترحات آماله ، تعليق ما يجري مجرى الشرح على مقدمة ابن الحاجب عند قراءتها عليّ ،
فانتدبت له (١) مع عوز ما يحتاج إليه الغائص في هذا اللجّ ، والسالك لمثل هذا الفجّ ، من الفطنة الوقادة ، والبصيرة النفادة ، بذلا لمسئوله ، وتحقيقا لمأموله ؛
ثم اقتضى الحال بعد الشروع ، التجاوز عن (٢) الأصول إلى الفروع ؛
__________________
(١) فانتدبت له : أي أجبته إلى طلبه. يقال ندبه إلى كذا فانتدب له ، أي دعاه وطلب منه فانتدب أي فأجاب.
(٢) التجاوز عن الأصول أي الانتقال منها إلى الفروع. وكان يمكن أن يقول : تجاوز الأصول إلى الفروع. لأنه متعد بنفسه ، وكأنه ضمنه معنى الانتقال أو التباعد. فعداه بعن.