لكن الانصاف أن الغلبة في أفعل الفعليّ ليست بظاهرة ، إذ كون الوزن غالبا في أحد القبيلين ، لا يمكن الحكم به الا بعد الإحاطة بجميع أوزان القبيلين ، وهو إما متعذر أو متعسر ، ولا سيما على المبتدئ ، فلا يصح أن تجعل الغلبة شرط وزن الفعل.
وفيه نظر ، إذ ربما يمكن معرفة ذلك بمجرد كون ذلك الوزن قياسيّا في أحدهما دون الآخر ، كما نعرف ، مثلا ، أن : إفعل ، في الفعل مثلا قياس في الأمر من يفعل الكثير الغالب كاذهب واحمد ، وليس في الاسم قياسا في شيء ، كاصبع ، وأيضا ، كون الوزن خاصا بأحد القبيلين ، وهو القائل به في نحو شمّر ، وضرب ، لا يمكن إلا بالاحاطة بجميع أوزان القبيل الآخر ، وهو متعذر ، أو متعسّر.
وانما اشترط في وزن الفعل تصديره بالزيادة المذكورة لكون هذه الزيادة قياسية في جميع الأفعال المتصرفة ، دون الأسماء ، إذ لا فعل متصرف الا وله مضارع ، ولا يخلو المضارع من الزيادة في أوله.
وأما غير المتصرف ، كنعم ، وبئس ، وعسى ، فأقل قليل ، فصارت هذه الزيادة ، لاطرادها في جميع الأفعال دون الأسماء أشد اختصاصا بالفعل ، فجرّت الوزن ، وان كان مشتركا ، إلى جانب الفعل ، حتى صح أن يقال : هو وزن الفعل ، وأيضا فإن هذه الزوائد في الفعل لا تكون الا لمعنى ، وأما في الأسماء ، فقد تكون لمعنى كأحمر ، وأفضل منك ، وقد لا تكون (١) ، كأرنب وأفكل وأيدع ، فكأنها لم تزد فيها ، فصارت بالفعل أشهر وأخص ، لأن أصل الزيادات أن تكون لمعنى.
وانما اشترط مع هذا الشرط ألّا يكون الوزن مما تلحقه تاء التأنيث ولا يكون عرضة له. لأن الوزن بهذه التاء يخرج من أوزان الفعل. إذ الفعل لا تلحقه هذه التاء ، فكما تجرّ الزيادة المتصدرة الوزن الى جانب الفعل ، تجره التاء الى جانب الاسم لاختصاصها بالاسم ، وتترجح التاء في الجرّ ، اذ الوزن في الاسم ، فانصرف : أرمل ويعمل مع الوصف
__________________
(١) أنظر هامش رقم (١) في ص ٢٣ من هذا الجزء.