جالسا عن يمينه ، وعلقمة جالسا عن يساره ، فقال لي : يا ابن الفريعة قد عرفت عيصك (١) ونسبك في غسّان فارجع فإني باعث إليك بصلة سنية ، ولا احتاج إلى الشعر ، فإني أخاف عليك هذين السّبعين أن يفضحاك وفضيحتك فضيحتي ، وأنت اليوم لا تحسن أن تقول :
رقاق النعال طيّب حجزاتهم |
|
يحيّون بالرّيحان يوم السّباسب (٢) |
[فأبيت](٣) فقلت : لا بد منه ، فقال : ذاك إلى عميك. فقلت : أسألكما بحق الملك الحراب إلّا ما قدمتماني عليكما فقالا : قد فعلنا. فقال : هات ، فأنشأت أقول والقلب وجل :
أسألت رسم الدار أم لم تسأل |
|
بين الجوابي فالبضيع فحومل (٤) |
حتى أتيت على آخرها.
فلم يزل عمرو بن الحارث يزحل (٥) عن مجلسه سرورا حتى شاطر البيت وهو يقول : هذه والله البتارة ، التي قد بترت المدائح ، هذا وأبيك الشعر لا ما تعللاني به منذ اليوم ، يا غلام ألف دينار مرموحة ، فأعطيت ألف دينار وفي كل دينار عشرة دنانير ثم قال لك عليّ مثلها في كل سنة.
قم يا زياد بن ذبيان فهات الثناء المسجوع ، فقام النابغة فقال : ألا أنعم صباحا أيّها الملك المبارك ، السّماء غطاؤك (٦) ، والأرض قطاؤك (٧) ، ووالدي فداؤك ، والعرب وقاؤك ، والعجم حماؤك ، والحكماء وزراؤك (٨) ، والعلماء جلساؤك ، والمقاول
__________________
(١) العيص بالكسر : الأصل.
(٢) البيت للنابغة الذبياني ، ديوانه ط بيروت ص ٢٢ والأغاني ١٥ / ١٥٨.
(٣) الزيادة عن الأغاني.
(٤) البيت في ديوانه ط بيروت ص ١٧٩.
أراد بالجوابي جابية الجولان ، والجولان : ما بين دمشق إلى الأردن يسرة عن الطريق لمن يريد دمشق من الأردن ، والبضيع : جبل قصير أسود على تل بأرض البلسة بين سيل وذات الصنمين بالشام.
(٥) أي يتنحى.
(٦) الأصل «عطاؤك» والمثبت عن الأغاني.
(٧) الأغاني : وطاؤك.
(٨) الأغاني : «جلساؤك» وسقطت اللفظة التالية منها.