حدّثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال (١) : قدمت وفود العرب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقدم عليه عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي في أشراف من بني تميم فيهم الأقرع بن حابس والزّبرقان بن بدر ، وعمرو (٢) بن الأهتم ، والحتات ، ونعيم بن زيد ، وقيس بن الحارث ، وقيس بن عاصم في وفد عظيم من بني تميم معهم عيينة بن حصن الفزاري (٣) وكان الأقرع بن حابس وعيينة شهدا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حنينا والفتح والطائف ، فلما قدم وفد بني تميم دخلوا معهم ، فلما دخل وفد بني تميم المسجد نادوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم من وراء الحجرات أن أخرج إلينا يا محمد جئناك نفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا فقال : «نعم فقد أذنت لخطيبكم فليقم» فقام عطارد بن حاجب فقال :
الحمد لله الذي جعلنا ملوكا ، الذي له الفضل علينا ووهب لنا أموالا عظاما نفعل فيها المعروف ، وجعلنا أعزاء أهل المشرق وأكثره عددا وأيسره عدة ، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا رءوس الناس؟ وأولي فضلهم؟ فمن فاخرنا فليعد مثل ما عدّدنا ، ولو شئنا لأكثرنا من الكلام ، ولكنا نستحي من الإكثار لما أعطانا أقول هذا لئن تأتوا بمثل قولنا ، وأمر أفضل من أمرنا ثم جلس.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لثابت بن قيس بن الشماس (٤) : «قم فأجبه» ، [فقام](٥) فقال :
الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه ، قضى فيهن أمره ، ووسع كرسيه علمه ، ولم يكن شيء قط إلّا من فضله ، ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكا ، واصطفى من خير خلقه رسولا ، أكرمه نسبا ، وأصدقه حديثا وأفضله حسبا ، فأنزل الله عليه كتابه وائتمنه على خلقه ، وكان خيرة الله من العالمين ثم دعا الناس إلى الإيمان به ، فآمن به المهاجرون من قومه وذوو رحمه أكرم الناس أحسابا ، وأحسنه وجوها ، وخير الناس فعلا ثم كان أول الخلق إجابة واستجاب لله حين دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنصار الله ووزراء رسول الله صلىاللهعليهوسلم نقاتل الناس حتى يؤمنوا فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه ، ومن نكث جاهدناه في الله أبدا وكان قتله علينا يسيرا. أقول قولي هذا واستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات والسلام عليكم.
__________________
(١) انظر سيرة ابن هشام ٤ / ٢٠٦.
(٢) عن ابن هشام وبالأصل «وعمر».
(٣) بالأصل : «عتبة بن حفص الفزاري» والمثبت عن ابن هشام ٤ / ٢٠٧.
(٤) رسمها «السمسار» بالأصل ، والمثبت عن ابن هشام.
(٥) الزيادة عن ابن هشام.