فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ)(١) وقال : (لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً*)(٢) وإن فيما قضى من نبأ داود وسليمان ما يرد قول هؤلاء الناس الذين يقولون ، ثم قرأ (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ، قال : فأثنى الله على سليمان خيرا ولم يذم داود.
أخبرنا أبو بكر اللّفتواني ، أنا أبو عمر بن مندة ، أنا أبو محمد بن يوة ، حدّثنا أبو الحسن اللّبناني ، حدّثنا أبو بكر القرشي ، حدّثنا بسام بن يزيد ، حدّثنا حمّاد بن سلمة ، حدّثنا حميد أنّ إياس بن معاوية لما استقضى أتاه الحسن فبكى إياس فقال له الحسن : ما يبكيك؟ قال : يا أبا سعيد بلغني أن القضاة ثلاثة : رجل اجتهد وأخطأ فهو في النار ، ورجل مال به الهوى ، فهو في النار ، ورجل اجتهد وأصاب فهو في الجنة. فقال الحسن : إن فيما قضى الله من ـ يعني ـ نبأ داود وسليمان ما يردّ قول هؤلاء ، يقول الله جل وعز : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) إلى قوله : (وَعِلْماً) فأثنى الله على سليمان ولم يذم داود. ثم قال الحسن : إن الله أخذ على (٣) العلماء ثلاثة : لا يشترون به ثمنا ، [قليلا](٤) ولا يتّبعون فيه الهوى ، ولا يخشون فيه أحدا ، ثم قرأ هذه الآية : (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) إلى قوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب ، حدّثني سعيد بن أسد ، حدّثنا ضمرة ، عن رجاء بن أبي سلمة قال : قال إبراهيم لإياس بن معاوية : لو لا خصال فيك كنت أنت الرجل قال : وما هي؟ قال : تقتضي قبل أن تفهم ، ولا تبالي من جالست ، ولا تبالي ما لبست. قال : أما قولك : أقضي قبل أن أفهم فإنهم : أكثر ثلاثة أو اثنين؟ قال لا ، بل ثلاثة. قال : ما أسرع ما فهمت قال : ومن لا يفهم هذا؟ قال : كذلك أنا لا أقضي حتى أفهم. وأما قولك : إني لا أبالي مع من جلست فإني أجلس مع من يرى لي أحبّ إليّ من أن أجلس مع من أرى له ، وأما قولك : إني لا أبالي ما لبست ، فلأن ألبس ثوبا يقي نفسي ، أحبّ إليّ من أن ألبس ثوبا أقيه بنفسي (٥).
__________________
(١) سورة ص ، الآية : ٢٦.
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٤٤.
(٣) بالأصل «عن» والمثبت عن أخبار القضاة ١ / ٣١٣.
(٤) سقطت من الأصل ، والزيادة عن أخبار القضاة.
(٥) الخبر في أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣١٦ ـ ٣١٧ عن ابن شوذب أو غيره باختلاف الرواية.