لأحمد بن حنبل ـ وقد عقد شراك نعله شبه التصليب ـ يا أبا عبد الله إن هذا يكره. قال : فدعا بالسّكين فقطعه ، وما قال لي : كيف؟ ولا لم؟
أنبأنا أبو علي الحافظ ، أنا أبو نعيم الحافظ (١) ، نا أبي ، نا أحمد بن محمّد بن عمر ، قال : أملى عليّ عبد الله بن أحمد ـ من حفظه (٢) ـ قال : نزلنا بمكّة دارا ، وكان فيها شيخ يكنى بأبي بكر بن سماعة ـ وكان من أهل مكّة ـ قال : نزل علينا أبو عبد الله في هذه الدّار وأنا غلام ، قال : فقالت لي أمّي : الزم هذا الرجل فأخدمه ، فإنه رجل صالح. فكنت أخدمه ، وكان يخرج يطلب الحديث ، فسرق متاعه وقماشه فجاء يوما فقالت له أمّي : دخل عليك السراق فسرقوا قماشك ، فقال : ما فعلت الألواح؟ فقالت له أمّي : في الطاق ، وما سأل عن شيء غيرها.
قال (٣) : ونا أبي ، نا أحمد بن محمّد ، حدثني أبو حفص عمر بن صالح الطرسوسي ، قال : وقع من يدي أبي عبد الله أحمد بن حنبل مقراض في البئر ، فجاء ساكن له فأخرجه ، فلما أن أخرجه نا وله أبو عبد الله مقدار نصف درهم ، أكثر (٤) أو أقل فقال : المقراض يساوي قيراطا (٥) لا آخذ شيئا فخرج. فلما أن كان بعد أيّام قال له : كم عليك من كراء الحانوت؟ قال : كراء ثلاثة أشهر ـ وكراؤه في كل شهر ثلاثة دراهم ـ فضرب على حسابه ، وقال : أنت في حلّ.
قال (٦) : ونا سليمان بن أحمد ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : كتب إليّ أبو نصر الفتح بن شخرف (٧) الخراساني ـ بخطّ يده ـ أنه سمع عبد بن حميد يقول : سمعت عبد الرّزّاق يقول : قدم علينا أحمد بن حنبل هاهنا فأقام سنتين إلّا شيئا فقلت له : يا أبا عبد الله خذ هذا الشيء ـ دفعته إليه ـ فانتفع به ، فإن أرضنا ليست بأرض متّجر ولا
__________________
(١) حلية الأولياء ٩ / ١٧٩.
(٢) في حلية الأولياء : «بن حفصة» خطأ.
(٣) حلية الأولياء ٩ / ١٧٩.
(٤) في الحلية : «نصف درهم» أو أقل أو أكثر.
(٥) بالأصل : «قيراط» والمثبت عن الحلية.
(٦) حلية الأولياء ٩ / ١٧٤.
(٧) عن حلية الأولياء وبالأصل «خرف».