قال : فقالت امرأتي : هذا رجل صالح ، لعله لم يرضها فأضعفها. قال : فأضعفتها فلم يقبل ، فأخذ الفرو مني وخرج.
قال (١) : ونا الحسين بن محمّد قال : سمعت شاكر بن جعفر يقول : سمعت أحمد بن محمّد القشيري (٢) يقول : ذكروا أنه أتى (٣) عليه ـ يعني أحمد بن حنبل ـ ثلاثة أيّام ما كان طعم فيها ، فبعث إلى صديق له فاستقرض شيئا من الدقيق ، فعرفوا في البيت شدة حاجته إلى (٤) الطعام ، فخبزوا بالعجلة فلما وضع بين يديه قال : كيف عملتم؟ خبزتم بسرعة؟ فقيل له : كان التنّور في دار صالح ـ ابنه ـ مسجّرا ، وخبزوا بالعجلة. فقال : ارفعوا ولم يأكل ، وأمر بسدّ بابه إلى دار صالح.
قال : ونا سليمان بن أحمد ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، نا علي بن الجهم بن بدر قال : كان لنا جار فأخرج إلينا كتابا فقال : أتعرفون هذا الخط؟ قلنا : نعم ، هذا خطّ أحمد بن حنبل. فقلنا له : كيف كتب ذلك؟ قال : كنا بمكّة مقيمين عند سفيان بن عيينة ، ففقدنا أحمد بن حنبل أياما لم نره ، ثم جئنا إليه لنسأل عنه ، فقال لنا أهل الدار التي هو فيها : هو في ذلك البيت. فجئنا إليه في ذلك البيت والباب مردود عليه ، وإذا عليه خلقان ، فقلنا له : يا أبا عبد الله ما خبرك لم نرك منذ أيّام؟ فقال : سرقت ثيابي ، فقلت له : معي دنانير ، فإن شئت خذ قرضا ، وإن شئت صلة. فأبى أن يفعل ، فقلت : تكتب لي بأجرة (٥)؟ قال : نعم فأخرجت دينارا فأبى أن يأخذه ، وقال لي : اشتر لي ثوبا واقطعه بنصفين ، فأومئ أن يأتزر بنصف ، ويرتدي بالنصف الآخر وقال : جئني ببقيته. ففعلت ، وجئت بورق [وكاغد](٦) ، فكتب لي ، فهذا خطّه.
أخبرني أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو محمّد بن زياد العدل ، قال : سمعت عبد الله بن محمّد بن مسلم يقول : سمعت أبا بكر محمّد بن محمّد بن رجاء بن السّندي يقول : سمعت جدي يقول : قلت
__________________
(١) حلية الأولياء ٩ / ١٧٩.
(٢) الحلية : «التستري» وفي مختصر ابن منظور كالأصل.
(٣) في الحلية : «مرّ عليه» وبالأصل «أثنى» والمثبت عن مختصر ابن منظور ٣ / ٢٤٩.
(٤) عن الحلية والمختصر ، وبالأصل «من».
(٥) كذا بالأصل والمختصر ، وفي الحلية ٩ / ١٧٧ «بأخذه» خطأ.
(٦) زيادة عن حلية الأولياء ٩ / ١٧٨.