فرازة (١) ـ جار لنا ـ قال : كانت أمي مقعدة نحو (٢) من عشرين سنة فقالت لي يوما : اذهب إلى أحمد بن حنبل فسله (٣) أن يدعو الله لي. فسرت إليه فدققت عليه الباب ـ وهو في دهليزه ـ فلم يفتح لي ، وقال : من هذا؟ فقلت : أنا رجل من أهل ذاك الجانب ، سألتني أمّي ، وهي زمنة مقعدة ؛ أن أسألك أن تدعو الله لها. فسمعت كلامه كلام رجل مغضب ، فقال : نحن أحوج إلى أن تدعو الله لنا. فوليت منصرفا ، فخرجت امرأة عجوز من داره فقالت : أنت الذي كلّمت أبا عبد الله؟ قلت : نعم. قالت : قد تركته يدعو الله لها. قال : فجئت من فوري إلى الباب فدققته ، فخرجت على (٤) رجليها تمشي حتى فتحت الباب ، فقالت : قد وهب الله لي العافية.
أخبرني أبو المظفّر ، أنا أبو بكر قال : وفيما أنبأني أبو عبد الله الحافظ ، نا علي بن حمشاذ (٥) العدل ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : كان أبي لا يفتر عن الركعات بين العشاءين ولا بعدها. في ورده من صلاة الليل وكان يسرّ القرآن ، وربما جهر به.
أنبأنا أبو علي المقرئ ، أنا أبو نعيم الحافظ (٦) ، قال : ونا سليمان بن أحمد ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة ، فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته ، فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة ، وقد كان قرب من الثمانين.
وكان يقرأ في كل يوم سبعا ، يختم في كل سبعة أيام. وكانت له ختمة في كل سبع ليال ، سوى صلاة النّهار. وكان ساعة يصلّي العشاء (٧) الآخرة ينام نومة خفيفة ، ثم يقوم إلى الصباح يصلّي ويدعو.
__________________
(١) كذا ورد هنا ، وفي الحلية : «حرارة» وانظر ما تقدم فيه قريبا.
(٢) الصواب «نحوا» وفي حلية الأولياء : «نحو عشرين».
(٣) الحلية : فاسأله.
(٤) العبارة في حلية الأولياء : قال : فجئت من فوري إلى البيت فدققت الباب فخرجت أمي على رجليها تمشي حتى فتحت الباب.
(٥) بالأصل «حمشاد» والمثبت عن سير أعلام النبلاء ١٥ / ٣٩٨.
(٦) حلية الأولياء ٩ / ١٨١.
(٧) الحلية : عشاء.