أخبرني أبو المظفّر الصّوفي ، أنا أبو بكر البيهقي ، قال : وفيما أنبأني أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو محمّد الحليمي (١) ـ بمرو ـ قال : سمعت أبا الموجّه يقول : أخبرني علي بن محمّد بن بدر قال : صلّيت يوم الجمعة فإذا أحمد بن حنبل يقرب (٢) مني ، فقام سائل فسأل ، فأعطاه أحمد قطعة. فلما فرغوا من الصّلاة قام رجل إلى ذلك السّائل فقال : أعطني تلك القطعة ، فأبى قال : أعطني وأعطيك درهما ، فلم يفعل. فما زال يزيده حتى بلغ خمسين درهما. فقال : لا أفعل فإني لأرجو من بركة هذه القطعة ما ترجوه أنت.
أخبرنا أبو السعود أحمد بن محمّد بن المجلي ، أنا أبو بكر الخطيب ، حدثني الحسن بن أبي طالب ـ لفظا ـ نا محمّد بن العبّاس بن حيّويه ، نا أبو الحسين العبّاس بن العباس بن المغيرة ، نا عباس الدوري ، نا علي بن أبي فزارة (٣) ، حدثتني أمّي وأفلجت وأقعدت من رجليها دهرا ، فقالت لي يوما : يا بني لو أتيت هذا الرّجل أحمد بن حنبل فسألته أن يدعو الله لي. قال : فعبرت إلى أحمد بن حنبل ، فدققت عليه الباب وكان في الدهليز فقال : من هذا؟ قلت له : يا أبا عبد الله رجل من إخوانك قال : وما حاجتك؟ قلت : إن أمّي مريضة قد أقعدت من رجليها وهي تسألك أن تدعو الله لها. قال : فجعل يقول : يا هذا فمن يدعو لنا نحن؟ يا هذا من يدعو لنا نحن؟ فقال ذلك مرارا ، فكأني استحييت فمضيت وقلت : سلام عليكم. فخرجت عجوز من منزله ، فقالت : إني قد رأيته يحرك شفتيه بشيء ، وأرجو أن يكون يدعو الله لك. قال : فرجعت إلى أمّي فدققت الباب فقالت : من هذا؟ فقلت : أنا علي ، فقامت إليّ ففتحت الباب فقلت : لا إله إلّا الله إيش القصة؟ فقالت : لا أدري إلّا أني قد قمت على رجليّ ، فتعجبت من ذلك وحمدت الله عزوجل ؛ وذلك مسافة الطريق.
أنبأنا أبو علي المقرئ ، أنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال (٤) : ونا سليمان بن أحمد ، نا الهيثم بن خلف الدوري ، نا العباس بن محمّد الدوري ، حدثني علي بن أبي
__________________
(١) هو الحسن بن محمد بن حليم بن إبراهيم بن ميمون الصائغ ، الحليمي المروزي ، نسب إلى جده حليم (الأنساب : الحليمي).
(٢) في مختصر ابن منظور ٣ / ٢٤٧ بقرب.
(٣) كذا بالأصل ومختصر ابن منظور ، وفي الإكمال ٢ / ٤٥٩ «حزارة» وفي تبصير المنتبه ١ / ٤٣٧ حرازة.
(٤) حلية الأولياء لأبي نعيم ٩ / ١٨٩.