الحداني البلخي يقول : سمعت قتّاب بن حفص يقول : سمعت حمدان بن سهل يقول : ما رأيت أعلم من أحمد بن حنبل.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي وأبو المظفّر بن القشيري ، قالا : أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أحمد بن سلمان الفقيه ـ ببغداد ـ نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج ؛ منها : اثنتين راكبا وثلاثة (١) ماشيا ، أو ثلاثا راكبا واثنتين ماشيا ، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا فجعلت أقول : يا عباد الله دلّوني على الطريق. قال : فلم أزل أقول ذلك حتى وقفت على الطريق. أو كما قال أبي.
أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه ، أنا أبو نعيم (٢) ، نا سليمان بن أحمد قال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : كنت جالسا عند أبي ـ رحمهالله ـ يوما فنظر إلى رجليّ وهما لينتان ليس فيهما شقاق فقال لي : ما هذه الرجلان لم لا (٣) تمشي حافيا حتى تصير (٤) رجلاك خشنتين؟ قال عبد الله : وخرج إلى طرسوس ماشيا على قدميه.
قال عبد الله : وكان أبي أصبر الناس على الوحدة ، لم يره أحد إلّا في مسجد ، أو حضور جنازة أو عيادة مريض ، وكان يكره المشي في الأسواق.
قال (٥) : ونا أبي ، نا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : خرج أبي إلى طرسوس ماشيا ، وخرج إلى اليمن ماشيا ، وحجّ خمس حجج : ثلاثا منها ماشيا ، ولا يمكن لأحد أن يقول : رأى أبي في هذه النواحي يوما إلّا إذا خرج إلى الجمعة (٦). وكان يخرج إلى ذا ساعة وذا ساعة.
__________________
(١) كذا بالأصل : «وثلاثة» وقد وردت العبارة منصوبة والصواب : منها اثنتان راكبا وثلاث ماشيا أو ثلاث راكبا واثنتان ماشيا.
(٢) حلية الأولياء ٩ / ١٨٤.
(٣) بالأصل : «لو لم» والمثبت عن حلية الأولياء.
(٤) بالأصل «يصير» والمثبت عن الحلية ، وفيها : رجلين بدل رجلاك.
(٥) حلية الأولياء ٩ / ١٨٣.
(٦) بعدها في الحلية : وكان أصبر الناس على الوحدة ، وبشر رحمهالله ـ فيما كان فيه ـ لم يكن يصبر على الوحدة.