أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) (١) أي من نور الوجود وهو الاستعداد إلى ظلمات المهيّة وهي الشقاوة والكفر.
ويدلّ على ذلك ـ أي على أنّ الاستعداد ربّما يعدم لأجل الموانع كالإصرار على الإدبار والإنكار ـ ما ورد عن الأئمّة الأطهار عليهم سلام الله الملك الجبّار من أنّ في كلّ قلب نكتة بيضاء ، فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء ، فإن تاب ذهب ذلك السواد ، وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتّى يغطّي البياض ، فإذا غطّى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا (٢). وهو قول الله (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ) (٣) وقريب من ذلك قوله : ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة ، إنّ القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتّى تغلب عليه فتصيّر أعلاه أسفله ... (٤) إلى آخره.
ولا ريب أنّ المراد بـ «النكتة البيضاء» هو نور الاستعداد للهداية ، والمراد بـ «الذنب» هو الإعراض عن الأسباب ، كيف لا ، وأيّ ذنب أعظم منه! وب «النكتة السوداء» المانع الباعث على البعد ، وب «عدم الرجوع إلى الخير أبدا» عدم الاهتداء بنور الحقّ إلى مسلك الحقّ ، وب «تصيّر الأعلى الأسفل» انقلاب الاستعداد للفوز بالجنّة إلى الاستحقاق لجحيم البعد ، وذلك ظاهر على من استضاء بنور التوحيد ، ولا ينكره إلّا من ترك في الضلال البعيد ، اللهم أعذنا منه بالنبيّ والقرآن المجيد.
__________________
(١) البقرة : ٢٥٧.
(٢) انظر : الكافي ٢ : ٢٧٣.
(٣) المطفّفين : ١٤.
(٤) الكافي ٢ : ٢٦٨ ، الأمالي ، للصدوق : ٣٩٧.