الله ، ولا وصف في جهة وجه الله ، ولذلك أعرض عن ذكره في الآية.
الثالثة : في تنكير السبيل إشارة إلى التعظيم والتفخيم ، بمعنى أنّ السبيل إلى الله تعالى هو من أعظم السّبل ، والمسلك إلى الحقّ هو من خير المسالك.
ويحتمل أن يكون إشارة إلى التعدّد والتكثير ، بمعنى أنّ السبل إلى الله مختلفة كثيرة ؛ كما قال : السبل إلى الله بعدد أنفاس الخلائق. انتهى.
فمن شاء اتّخذ إلى ربّه سبيلا من تلك السبل ، وذلك باختلاف استعدادات الناس في مقام المعرفة بالمعبود ، فإنّهم ليسوا على وتيرة واحدة ، بل مراتبهم في ذلك المقام متفاوتة مختلفة ، فلكلّ من المتذكّرين مقام وسبيل ليسا للآخر ، فإنّ للإيمان مراتب متعدّدة ، ودرجات متفاوتة ؛ يفوز كلّ صنف بدرجة منها ، ومرتبة من مراتبها ، أما ترى أنّ أهل اليقين بالله ورسوله على أصناف ثلاثة :
الأوّل : هم الّذين فازوا بعلم اليقين ، وهو قبول ما ظهر من الحقّ بطريق الرسالة ، وهو ما جاءت به الرسل من الإيمان والإسلام والأحكام ، وما غاب من الدار الآخرة وأحوال القيامة ، والجنّة والنار ؛ قبولا إذ عانيّا اعتقاديّا لا يزول بتشكيك الجاحدين.
الثاني : هم الّذين فازوا بعين اليقين ، وهو مقام الكشف والشهود ، وتحقيق ما قيل تعبّدا ، وفيه الغناء بالاستدراك عن الاستدلال.
الثالث : هم الّذين فازوا بحقّ اليقين ، وهو مقام الفناء عن الرسم باستيلاء نور الحقيقة ؛ كما قال عليه السلام : نور يشرق من صبح الأزل ، فيلوح على هياكل التوحيد.