الإقرار بأنّه أوّل مخلوق خلق من نور الذات بنفسه لنفسه ، لا من شيء قبل خلق كلّ شيء ، لا يساوقه ذكر ، ولا يقارنه حكم ، ولا يشابهه نعت ، ولا يعادله وصف ، ولا يليق به ثناء من غير الحقّ ، ولا مدح من غيره ، ولا يماثله في سلسلة الإمكان شيء ، ولا يقاربه في دائرة الإبداع مخلوق ، ولا يوازيه في عوالم الاختراع موجود.
كيف وهو المختصّ بمقامات عالية ليس لغيره حتّى سائر المعاني إدراكها ، والاطّلاع على كنهها ، واستقصاء مراتبها.
منها : مقام النقطة البدئيّة المتنزّلة عن سماء غيب الهويّة المطلقة ، بمعنى أنّه صلّى الله عليه وآله أوّل كلّ شيء بحيث لم يسبقه ذكر شيء ، وهو في ذلك المقام صرف الهويّة ، وآية الأحديّة ، ونقطة المشيّة في أوّل مقام الفعل ، والإشارات كلّها عن ذلك المقام مقطوعة ، والدلالات بأسرها عن الاقتران به ممنوعة.
كيف وذلك مقام الإمكان بلا مثل ، وشبه ، والإبداع بلا نظير ، فلا يشاركه صلّى الله عليه وآله في ذلك المقام شيء ، ضرورة استحالة أوّليّة الشيئين ، وصدور غير الواحد عن الواحد من جميع الجهات ، فمعرفة ذلك المقام هو الإقرار به تعبّدا ؛ إذ العرفان الكنهيّ هنا محال إلّا على المماثل له صلّى الله عليه وآله في ذلك المقام ، وليس كمثله شيء حتّى يطّلع على مقامه ، ويستكنه لجلاله وجماله ، فكما هو صلّى الله عليه وآله لقد اختصّه بذلك المقام ، كذلك اختصّه بمعرفة قيام نفسه في ذلك المقام ، كيف وليس لسائر المعاني ذكر في ذلك المقام.