يشارك أزليّته شيء ، وإلّا لزم تعدّد الآلهة المتأزّلات ، وإبطاله غير مفتقر إلى النفي والإثبات ، و «احبّ أن يعرف» بمعنى أن يطّلع غيره من مراتب الخلق على أنّه تعالى بكيفوفيّة لا يدركها إلّا هو ، وبحيثوثيّة لا يعرفها إلّا هو.
فمعنى قوله : «فخلقت الخلق لكي أعرف» (١) أنّي بدعتهم لكي يعرفوا أنّي أنا الله الّذي تقدّست هويّتي عن أن يعرفها شيء سواي ، وتجلّلت كينونيّتي عن أن يطّلع عليها شيء غيري ، فيشهدوا لي بالألوهيّة ، ويخلصوا لي العبادة ؛ مخلصين لي الدين ، لا يشركون بي شيئا.
لا بمعنى أن يطّلع غيره على هويّته المطلقة البحتة المبرّاة عن جميع القيود والاعتبارات ، والمعرّاة عن كلّ الإشارات والعبارات ، فإنّه تعالى لو كان بحيث عرفه شيء لكان محاطا لذلك الشيء ، وذلك الشيء محيطا ، والمحاط عليه لا يصلح لأن يكون إلها لما هو المحيط عليه.
ولا ريب أنّ المحاطيّة نقص بيّن ، لأنّها نوع من الانفعال ، فلا يمكن إدراك ذات الحقّ وصفاته الذاتيّة الّتي هي عينه ، ولذا نهينا عن التفكّر فيه ، وحذّرنا عن التعمّق فيه ؛ كما قال تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (٢).
وقال صلّى الله عليه وآله : لا تفكّروا في ذات الله فإنّكم لن تقدّروا قدره (٣).
__________________
(١) انظر : بحار الأنوار ٨٤ : ١٩٨ ، ٣٤٤.
(٢) آل عمران : ٣٠.
(٣) جاء في مجموعة ورّام ١ : ٢٥٠ هكذا : فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله : تفكّروا في خلق الله ، ولا تفكّروا في الله ، فإنّكم لن تقدّروا قدره.