أمّا الجانب الغربي من البلاد
الإسلاميّة فقد بقيت منغلقة على هذه النهضة ، وتبنّت الشام محاربة علي والكيد له ،
ومحاربة الأحاديث النبويّة الصحيحة ، وشوََّه معاوية عن طريق الأخبار الكاذبة صورة
علي لدى الشاميين ، وصوَّره لهم شخصاً مجرماً بحقّ الإسلام ، وأنّ دم عثمان بعهدته
، وسوَّغ لهم لعنه ومحاربته ، نظير ما فعلت قريش المشركة مع النبي صلىاللهعليهوآله لمّا هاجر إلى
المدينة. وصار يشنّ الغارات على أطراف بلاد علي عليهالسلام
لسلب الأموال وإرعاب الناس ؛ ليطوّق تجربة علي عليهالسلام
الإحيائية للسنّة النبويّة ، ويحدّها من الانتشار. واستشهد علي عليهالسلام وهو يعبِّئ الناس
لخوض معركة جديدة مع معاوية.
صلح الحسن عليهالسلام
لحفظ وحدة القبلة وتثقيف أهل الشام بالسنّة :
بايع أهل العراق الحسن عليهالسلام تبعاً للنصوص
النبويّة الواردة في حقّ أهل البيت عليهمالسلام
التي تعيّنهم أئمّة هدى وحجج إلهيين بعد النبي صلىاللهعليهوآله
التي أحيا نشرها علي عليهالسلام
، وكانت حكومته مشروعة ؛ لأنّ بيعة الأمّة وقعت في محلّها الشرعي ، وبايع أهل
الشام معاوية ، ولم تكن بيعة مشروعة لأنّها
انقسمت [فيها] الأمّة بذلك إلى كيانين
سياسيين أحدهما : كيان سياسي عراقي يرأسه الحسن عليهالسلام
الموصول بكتاب الله وسنّة نبيّه ، وهو عازم على مواصلة مسيرة أبيه في إحياء السنّة
النبوية ، والعمل بها ونشرها بين المسلمين.
وثانيهما : كيان سياسي شامي يرأسه
معاوية الموصول بسيرة أبي بكر وعمر وعثمان ، وهو عازم على إحيائها من جديد.
عرض معاوية الصلح على الحسن عليهالسلام لحقن الدماء ، وأن
يبقى كلّ طرف على البلاد التي بايعته واقتنعت به.
وكان الحسن عليهالسلام أمام هذا العرض بين
إحراجين :
[الأوّل :] فهو إن رفض اُطروحة الصلح
يكون قد سجّل على نفسه أمام الشاميين مخالفة لقوله تعالى : (وَأَعِدُّوا
لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ
عَدُو اللَّهِ