أحدثت» (١) ، و: «لا تنقض اليقين بالشك وإنّما تنقضه بيقين آخر» (٢). ونحو ذلك.
وكلها ـ كما ترى ـ صريحة الدلالة في دوام تلك الحال إلى أن يحصل ما يزيلها. وهذا بمعزل عن معنى الاستصحاب الذي يجعلونه دليلا برأسه وقسيما للأخبار إذ هو كما عرفت أن يثبت (٣) حكم في وقت ، ثم يأتي وقت آخر ، ولا يقوم دليل على انتفاء ذلك الحكم فيه ؛ فيحكم ببقائه على ما كان. والحكم في هذه الأخبار قد ثبت مستمرّا إلى تلك الغايات المذكورة فيها.
وأيضا فالنافون له يقولون : إنه لا يكفي في العمل به في الحالة الثانية عدم دليل انتفائه ؛ لأن دليل انتفائه فرع ثبوته ، بل لا بد من دليل الثبوت.
قال المحقق الحلي (٤) ـ عطر الله مرقده ـ على ما نقله عنه في كتاب (المعالم) (٥) : (والذي نختاره نحن أن ننظر في الدليل المقتضي لذلك الحكم ؛ فإن كان يقتضيه مطلقا وجب القضاء باستمرار الحكم كعقد النكاح مثلا فإنه يوجب حل الوطء مطلقا. فإذا وقع الخلاف في الألفاظ التي يقع بها الطلاق ، وكقوله : أنت خليّة أو بريّة ، فإن المستدل على أن الطلاق لا يقع بهما لو قال : حل الوطء ثابت ، قبل النطق بهذه ، فيجب أن يكون ثابتا بعدها لكان استدلاله صحيحا ؛ لأن المقتضي للتحليل ـ وهو العقد ـ اقتضاه مطلقا ، ولا يعلم أن الألفاظ المذكورة رافعة لذلك الاقتضاء ، فيكون الحكم ثابتا ؛ عملا بالمقتضي.
لا يقال : المقتضي هو العقد ، ولم يثبت أنه باق ، فلم يثبت الحكم.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٣ / ١ ، باب الشك في الوضوء ... ، وسائل الشيعة ١ : ٢٤٧ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ٧.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٨ / ١١ ، وسائل الشيعة ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ١ ، باختلاف فيهما.
(٣) في «ح» : ثبت.
(٤) معارج الاصول : ٢٠٩ ـ ١١٠.
(٥) معالم الاصول : ٣٢٣ ـ ٣٢٤.