يقال : العارض (١) لا يصلح أن يكون رافعا له ، وأنه لا ينعدم إلّا بمؤثر ؛ إذ الغرض أنه لا دليل على ذلك الحكم في الحالة الثانية ، فلا حكم فيها (٢) حتى ينازع في رفعه وانعدامه؟
والاحتياج إلى الرافع أو المؤثر إنّما يتم لو اقتضاه الدليل على الدوام ، وأمّا إذا اقتضاه في الحالة الاولى وسكت عن الثانية ، فيكفي في انتفائه فيها عدم الدلالة عليه وإن لم يقم على انتفائه فيها دليل. وظنّ بقاء الحكم ممنوع ، ضرورة أن الممكن إنّما يبقى بحسب ما يقتضيه السبب الموجب له.
وبهذا يظهر الجواب أيضا عما استدل به بعض المحققين على الحجية أيضا من أنه قد تقرّر في الاصول أن البقاء لا يحتاج إلى دليل في نفسه ؛ إذ الأصل أن ما ثبت دام إلى وجود قاطع ، وذلك معنى الاستصحاب. وقد أجيب عنه أيضا أن ما ثبت جاز أن يدوم وألّا يدوم ، فلا بد لدوامه (٣) من دليل سوى دليل (٤) الثبوت.
وأمّا الجواب عن الثالث ، فبأنه قياس مع الفارق ، فإن تلك الأشياء المعدودة من قبيل القسم الثالث أو الثاني ، وأن الأخبار الدالة على تلك المسائل المعدودة ، قد دلت على ثبوت تلك الحالات مستمرة إلى وجود الرافع لها ، كقولهم عليهمالسلام : «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» (٥) ، و «كل شيء فيه حلال وحرام ، فهو لك حلال حتى تعلم الحرام بعينه فتدعه» (٦) ، و «إياك أن تحدث وضوءا (٧) حتى تستيقن أنك
__________________
(١) في «ح» : العارض.
(٢) في «ح» بعدها : حينئذ.
(٣) في «ح» : من دوامه.
(٤) ليست في «ح».
(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٢٨٥ / ٨٣٢ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٦٧ ، أبواب النجاسات ب ٣٧ ، ح ٤ ، وفيهما : كل شيء نظيف.
(٦) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٤٠ ، باب النوادر ، وسائل الشيعة ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤ ، وفيهما : هو لك حلال.
(٧) في المصدر بعدها : أبدا.