ويؤيد ذلك خلو ما عدا الخبرين المذكورين من الأخبار الواردة في هذا المضمار عن عد ذلك في جملة المرجحات ، ويزيده (١) تأييدا ما رواه في (الكافي) عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم لا نثق به ، قال : «إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله ، أو من قول رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإلّا فالذي (٢) جاءكم به أولى به» ، فإنه عليهالسلام لم يرجح بالوثاقة ، ولم يقل : اعمل بما تثق به دون ما لا تثق به ، مع كون السؤال عن الاختلاف الناشئ من رواية الثقة وغير الثقة ، وإن احتمل الخبر معنى آخر ، وهو كون السؤال عن اختلاف الحديث يرويه الثقة تارة ، وتارة يرويه غير الثقة ، والظاهر بعده.
الفائدة الثامنة : في الجمع بين روايتي عمر بن حنظلة وزرارة
قد دلت هذه الرواية (٣) على الإرجاء والتوقف بعد التساوي في طرق الترجيح المذكورة فيها ، ومرفوعة زرارة المتقدّمة (٤) قد دلت على التخيير في العمل بأيهما شاء بعد ذلك ، وقد اختلفت كلمة أصحابنا ـ نوّر الله تعالى مراقدهم ، وأعلى في الخلد مقاعدهم ـ في الجمع بينهما على وجوه :
أحدها : حمل خبر الإرجاء على الفتوى ، وحمل خبر التخيير على العمل ، بمعنى أنه لا يجوز للفقيه ـ والحال هذه ـ الفتوى والحكم وإن جاز له العمل بأيهما شاء من باب التسليم. وبهذا (٥) الوجه صرّح جملة من علمائنا المحققين من متأخري المتأخرين ، واستدل شيخنا العلامة أبو الحسن الشيخ سليمان بن عبد
__________________
(١) في «ح» : يزيد.
(٢) في «ح» : الذي.
(٣) رواية الباب.
(٤) الواردة في الفائدة الخامسة.
(٥) في «ح» : بهذه.