ومما يدل على المنع من تقليد غير من فاز بتلك المرتبة السامية ، وحاز تلك المنزلة النامية ما رواه في (الكافي) في الصحيح عن أبي بصير ليث المرادي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) (١). فقال : «أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ، ولو دعوهم ما أجابوهم ، ولكنهم أحلّوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا ، فعبدوهم من حيث لا يشعرون» (٢).
وما رواه فيه أيضا عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «من أصغى إلى ناطق فقد عبده ؛ فإن كان الناطق يؤدي عن الله فقد عبد الله ، وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان» (٣).
فائدة في كون القاضي منصوبا من الإمام حال حضوره
ظاهر (١) كلام الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ أنه مع حضور الإمام عليهالسلام فلا بد في متولي القضاء أن يكون منصوبا منه عليهالسلام على الخصوص ، فلا ينفذ قضاء الفقيه الجامع الشرائط من غير تنصيص عليه بخصوصه ، وإنّما ينفذ في زمان الغيبة ، وزاد بعضهم : عدم تمكن الإمام من إجراء الأحكام. واستندوا في ذلك إلى رواية سليمان بن خالد المتقدّمة ، وحديث الأمير عليهالسلام مع شريح السابق ، لحملهما (٤) على
__________________
(١) التوبة : ٣١.
(٢) الكافي ١ : ٥٣ / ١ ، باب التقليد.
(٣) الكافي ٦ : ٤٣٤ / ٢٤ ، باب نوادر كتاب الأشربة.
(٤) وجه الأظهريّة أنه عليهالسلام قد أمر الشيعة الذين في زمانه بأنه متى وقعت بينهم منازعة أو خصومة أن يتحاكموا إلى من كان [متّصفا] بالصفات التي ذكرها عليهالسلام لهم ، سيّما رواية أبي خديجة المتضمّنة أن أبا عبد الله عليهالسلام بعث إلى أصحابه من الشيعة فقال : «قل لهم» (١) إلى آخره ، فإنه صريح كما ترى في كون ذلك النائب مع الحضور كما لا يخفى. منه رحمهالله. (هامش «ح»).
(٥) من «ح» ، وفي «ق» : بحملها.
__________________
١ ـ تهذيب الأحكام ٦ : ٣٠٣ / ٨٤٦ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٣٩ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١١ ، ح ٦.