لبطولاته الملائك تدعو |
|
لتقيه من أعين الكفّار |
ولصمصامه وزنديه نادت |
|
مرحباً في شجاعة الكرار (١) |
قال المجلسي في جلاء العيون : ثمّ طلع عليهم ذلك السيّد الحسيب والكريم النسيب كالشمس في رائعة النهار ، وجلى المعركة بنوره فوقف العدوّ بفيالقه حيران والهاً من جمال طلعته وسطوع غرّته ، ولمّا دخل الميدان تحامته الفرسان ونكصت عنه الشجعان فاستلّ ذلك الأسد الخادر والليث الهادر الذي ألقت إليه الشجاعة قيادها وهجرت بلادها ، سيفه الصيقل وهجم على العدوّ الذليل كالبرق الخاطف ومع ما فيه من شدّة العطش ، وجفاف الفم وذبول الشفاه قتل منهم مائة وعشرين رجلاً ثمّ ثنى عنان جواده وأقبل نحو الخيمة فقال : يا أبتاه ، العطش قد قتلني وثقل الحديد أجهدني فهل لي إلى شربة أتقوّى بها على الأعداء ؟ فبكى الحسين عليهالسلام وقال : يا بنيّ ، يعزّ على محمّد صلىاللهعليهوآله وعليّ بن أبي طالب وعليّ أن تدعوهم فلا يجيبوك وتستغيث بهم فلا يغيثوك ، يا بني هات لسانك ، فأخذ بلسانه فمصّه ودفع إليه خاتمه وقال : أمسكه في فيك وارجع إلى قتال عدوّك فإنّي أرجو أنّك لا تمسي حتّى يسقيك جدّك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبداً.
وبعد ذلك أعاد الكرّة عليّ الأكبر عليهم كالليث الهصور وقع في قطيع الثعالب ، وما زال يكرّ عليهم بسيفه ويفرّون إلى أن قتل منهم ثمانين شخصاً آخرين ، وهو ينحو الكتائب كالسيل المنحدر من على ذات اليمين وذات الشمال وهو يرتجز ويقول :
الحرب قد بانت لها الحقائق |
|
وظهرت من بعدها مصادق |
والله ربّ العرش لا نفارق |
|
جموعكم أو تغمدوا البوارق |
__________________
(١) الشعر الفارسي أبيات ثلاثة ولكنّها مفرذة ، أمّا المباراة فصيّرتها قطعة واحدة.