.............................................
__________________
= الشيطان واستفزّك الجهل والطغيان ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ».
ثمّ طوى عليهالسلام كتابه ودعى برجل من أصحابه يقال له : الطرمّاح بن عدي ، وكان رجلاً جسيماً طويلاً فصيحاً متكلّماً لسناً ، لا يكلّ لسانه في الكلام ، ولا يملّ عن الجواب ، فعمّمه بعمامة وأركبه على جمل بازل فائق أحمر ، فسوّى راحلته ووجّهه إلى دمشق ، فسأل عن بوّاب معاوية من أصحابه ، فقيل له : من تريد ؟ فقال له : أُريد جعثماً وجرولاً وخاشناً وفاحماً أبو الأعور السلمي وأبو هريرة الدوسي ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص.
قال : هم بباب الخضراء ببستان يتنزّهون ، فانطلق طرمّاح حتّى أشرف على ذلك المكان فإذا القوم ببابه ، قالوا : يا أعرابي ، هل عندك خبر من السماء ؟ قال : بلى ، الله في السماء وملك الموت في الهواء ، وسيف عليّ عليهالسلام في القفا ، فاستعدّوا لما ينزل عليكم من البلاء يا أهل النفاق والشقاء. فقالوا : من أين أقبلت ؟ قال : من عند حرّ تقيّ زكيّ مرضيّ. قالوا : من تريد ؟ قال : هذا الدعيّ الرديّ الذي تزعمون أنّه أميركم ، فعلموا أنّه رسول أمير المؤمنين عليهالسلام إلى معاوية ، فقالوا : ما تريد منه ؟ قال : أُريد الدخول عليه ، فقالوا : عنك مشغول ، قال : بماذا ؟ أبوعد أم وعيد ؟ قالوا : لا ولكن يشاور أصحابه يما يكفيه غداً ، قال : فسُحقاً له.
فكتبوا بخبره إلى معاوية : أمّا بعد ، فقد ورد من عند عليّ بن أبي طالب رجل أعرابيّ بدويّ له لسان فصيح وقول مليح ، طلق زلق ، يتكلّم ولا يكلّ ، يطول ولا يملّ ، فاستعدّ لجوابه كلاماً بالغاً ، ولا تكن عنه ساعياً غافلاً ، والسلام.
فلمّا علم الطرمّاح بذلك أناخ
راحلته ونزل عنها وعقلها وجلس مع القوم الذين يتحدّثون ، فلمّا بلغ الخبر إلى معاوية أمر ابنه يزيد لعنه الله يضرب المصاف على داره وكان على وجه
يزيد أثر الضرب وإذا تكلّم كان جهير الصوت ، فأمر يزيد بضرب المصاف على باب داره ففعلوا ذلك
، فقالوا للطرمّاح : هل لك أن تدخل معاوية ؟ فقال : لهذا جئت ، وبهذا أُمرت إليهم
ومشى ، فلمّا رأى أصحاب والمصاف وعليهم ثياب سود ، فقال : من هؤلاء القوم كأنّهم زبانية
مالك في ضيق المسالك ، فلمّا دنى نظر إلى يزيد وقال : من هذا الميشوم الواسع الحلقوم
المضروب على الخرطوم ، فقالوا : هذا يزيد ، فقال : لا زاد الله زاده ، ولا بلغ مراده ، فسمع
يزيد بذلك وقصد قتله ثمّ كره أن يحدث أمراً دون أبيه ، فكظم غيظه وأطفأ ناره وسلّم عليه ، وقال : يا
أعرابي ، إنّ أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ، قال : سلامه معي من الكوفة ، قال يزيد : سلني ما
شئت فقد
=