الحسين أو لا ؟ فطمأنهم على عدم لحوقه بالحسين وقال لهم : أنا شيخ كبير فما أصنع للحسين عليهالسلام.
فلمّا وثقت عشيرته منه قالت له زوجه : أيطلبك ابن رسول الله وأنت تتقاعد عن نصره ، فما جوابك يوم القيامة جدّه ؟ فأجابها وكان يتّقي حتّى زوجه : أخاف من ابن زياد أن يهدم داري وينهب مالي ويأسرك ! فقالت تلك المرأة اللبوئة : أجب الحسين وليهدم ابن زياد دارنا ولينهب مالنا وليأسروني ، خف الله يا حبيب ، كيف لا تلبّي نداء الحسين وقد دعاك إلى نصرته ؟!
فبالغ حبيب في التقيّة : ألا تريني أيّتها المرأة وأنا شيخ عاجز ، لا أستطيع الكرّ والفرّ وحمل السيف. فألّم قوله المرأة وأغضبها فراحت تبكي بحرقة وتسكب الدموع وحسرت عن رأسها ورمت قناعها على رأس حبيب وقالت : أقم أنت بين النساء ، ثمّ تنفّست الصعداء وقالت : يا أبا عبدالله ، ليتني كنت رجلاً فأقدم عليك وأبذل نفسي بين يديك.
فلمّا شاهد حبيب منها هذا المشهد ووثق بعزمها وإخلاصها وعرضها على محك الحقّ ، فاطمأنّ بالاً منها ، فقال : كُفّي أيّتها المرأة ولأنعمنّك عيناً ، وسوف أصبغ بياض شيبي بدم نحري في نصرة الحسين عليهالسلام ، ثمّ ترك البيت ليبحث عن منفذ يخرجه من طوق الكوفة فرأى سوق الحدّادين قائماً على قدم وساق فعلم أنّ جند ابن زياد يعدّ العدّه ويضرب الأسنّة ويسقي السهام سمّاً ويجلو السيوف ويضع الحدوات للخيل ، تقتل ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فتأوّه حبيب ولمح مسلماً عن قرب واقفاً على حانوت عطّار يشتري خضاباً ، فقال له حبيب : أما علمت يا مسلم بأنّ مولانا الحسين عليهالسلام حلّ بأرض كربلاء ، أفلا نذهب لنصرته ؟
واستعدّ مسلم للهرب من الكوفة ، فاستدعى حبيب غلامه
وأعطاه جواده وقال : اشتمل على هذا السيف من تحت ثيابك واخرج من الجادة الفلانية