الاحتراق ، ولو زادت نسبة أحد هذين العنصرين بمقدار طفيف جداً لكان هذا معناه تخثر الدم أي تجلطه وانقلابه إلى أشبه ما يكون بالوحل ، كما أن العكس يجعل الدم في ميوعته كالماء (١) وبهذا الاتزان البديع ينساب الدم في مجاريه محتفظاً بلزوجته ، قائماً بوظائفه .
ويعلم الكبد أن الحديد والنحاس والفيتامين ب ١٢ تتدخل كلها في صناعة الدم ، لذلك فهو يحتفظ بها في مستودعات التخزين لكي ترسل حسب الحاجة ، فكيف تقوم بهذه الخلايا هذه الوظائف كلها ؟
ومن هذه التفاعلات المعقدة المضطرمة تنتشر الحرارة ويعم الدفء في الأحشاء فتطمئن إلى سير العمل وروعة البناء وإحكام التكوين .
ونقف أخيراً أمام اصطياد الجراثيم (٢) والصباغات والمواد السامة ، وهي التي جعلتنا نسمي الكبد مركز الجمارك العام لأنه يفتش الدم القادم فيُبعد المشبوه ويمرر الطبيعي فإذا ما لوحظ أن هناك من يعبث بالنظام تصدى له بطرق يعجز عنها أعقل العقلاء .
هذه العملية هي ما تسمى بتعديل السموم ، فالسموم الداخلة إلى البدن يقوم الكبد بإيقاف أذاها بعدة طرق :
أولها : الاعتقال وإلقاء القبض على المجرم الضار حيث توضع في يديه الأقفال
______________________
(١) تفوق لزوجة الدم لزوجة الماء بخمس مرات .
(٢) مضادات للجراثيم : وهي مواد ( مشتقة من الكائنات الحية مثل الفِطْر أو البكتيريا ) تقتل أو توقف نمو البكتيريا في الجسم ، وكل نوع منها فعال ضد نوع معين من البكتيريا ، وتأثيراتها الجانبية : هي الغثيان ، والتقيؤ ، والإسهال .
أما محاذيرها فتكمن في عدم إكمال الجرعات الموصوفة دائماً مما يؤدي إلى معاودة الإصابة حيث تصبح المعالجة أكثر صعوبة ( بسبب مقاومة البكتيريا للمضاد ) . ( دليل الاسرة الصحي : ج ٣ ، ص ١٤ ) .