ودلائل حجج الله ، من بعدهما أولياؤه ، أدخلته جنتي ، وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.
قال : فلما بعث الله تعالى نبينا محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : يا محمد (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) (٧) أمتك بهذه الكرامة. ثم قال عز وجل لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم قل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على ما اختصني به من هذه الفضيلة ، وقال لأمته : قولوا أنتم : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على ما اختصنا به من هذه الفضائل».
٢٨٦ / ١٩ ـ وروى في (الفقيه) فيما ذكر الفضل ـ يعني الفضل بن شاذان ـ من العلل عن الرضا عليهالسلام أنه قال : «أمر الناس بالقراءة في الصلاة ، لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا ، وليكون محفوظا مدروسا ، فلا يضمحل ولا يجهل.
وإنما بدأ بالحمد دون سائر السور ، لأنه ليس شيء من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد ، وذلك أن قوله عز وجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) هو أداء لما أوجب الله عز وجل على خلقه من الشكر ، والشكر لما وفق عبده من الخير.
(رَبِّ الْعالَمِينَ) توحيد وتمحيد له ، وإقرار بأنه الخالق المالك لا غيره. (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) استعطافه وذكر آلائه ونعمائه على جميع خلقه. (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) إقرار له بالبعث ، والحساب ، والمجازاة ، وإيجاب ملك الآخرة له ، كإيجاب ملك الدنيا. (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) رغبة وتقرب إلى الله تعالى ذكره ، وإخلاص له بالعمل دون غيره.
(وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) استزادة من توفيقه ، وعبادته ، واستدامة لما أنعم عليه ونصره. (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) استرشاد لدينه ، واعتصام بحبله ، واستزادة في المعرفة لربه عز وجل وكبريائه وعظمته. (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) تأكيد في السؤل والرغبة ، وذكر لما قد تقدم من نعمه على أوليائه ، ورغبة في مثل تلك النعم. (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين ، المستخفين به وبأمره ونهيه.
(وَلَا الضَّالِّينَ) اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وقد اجتمع فيها من جوامع الخير والحكمة ، من أمر الآخرة والدنيا ، ما لا يجمعه شيء من الأشياء».
٢٨٧ / ٢٠ ـ وعنه ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني ، قال : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي مريم العجلي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن عبدالله بن زياد العرزمي ، قال : حدثنا علي بن حاتم المنقري ، عن المفضل بن عمر ، قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن الصراط ، فقال : «هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل ، وهما صراطان : صراط في الدنيا ، وصراط في الآخرة. فأما الصراط الذي في الدنيا ، فهو الإمام المفترض الطاعة ، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه ، مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة ،
__________________
(٧) القصص ٢٨ : ٤٦.
١٩ ـ من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٠٣ / ٩٢٨.
٢٠ ـ معاني الأخبار : ٣٢ / ١.