و (لعل) من الله واجب ، لأنه أكرم من أن يعني (٤) عبده بلا منفعة ، ويطمعه في فضله ثم يخيبه ، ألا تراه كيف قبح من عبد من عباده ، إذا قال لرجل : اخدمني لعلك تنتفع بي ، ولعلي أنفعك بها ؛ فيخدمه ، ثم يخيبه ولا ينفعه ، فالله عز وجل أكرم في أفعاله ، وأبعد من القبيح في أعماله من عباده».
قوله تعالى :
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً
فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ [٢٢]
٣٥٢ / ١ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا محمد بن القاسم المفسر رضياللهعنه ، قال : حدثني يوسف بن محمد بن زياد ، وعلي بن محمد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه علي بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين عليهمالسلام في قول الله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً).
قال : «جعلها ملائمة لطبائعكم ، موافقة لأجسادكم ، ولم يجعلها شديدة الحمي والحرارة فتحرقكم ، ولا شديدة البرودة فتجمدكم ، ولا شديدة الريح فتصدع هاماتكم ، ولا شديدة النتن فتعطبكم (١) ، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم ، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في دوركم ، وأبنيتكم ، وقبور موتاكم. ولكنه عز وجل جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به ، وتتماسكون ، وتتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم ، وجعل فيها ما تنقاد به لدوركم ، وقبوركم ، وكثير من منافعكم ، فلذلك جعل الأرض فراشا لكم.
ثم قال عز وجل : (وَالسَّماءَ بِناءً) أي سقفا محفوظا ، يدير فيها شمسها وقمرها ، ونجومها لمنافعكم.
ثم قال تعالى : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) يعني المطر ، [نزله] من أعلى ليبلغ قلل جبالكم ، وتلالكم ، وهضابكم وأوهادكم (٢) ، ثم فرقه رذاذا (٣) ، ووابلا (٤) ، وهطلا (٥) لتنشفه (٦) أرضوكم ، ولم يجعل ذلك المطر نازلا
__________________
(٤) العناء : التعب والنصب. «مجمع البحرين ـ عنا ـ ١ : ٣٠٨.»
سورة البقرة آية ـ ٢٢ ـ
١ ـ التّوحيد : ٤٠٣ / ١١.
(١) العطب : الهلاك ، وأعطبه : أهلكه. «الصحاح ـ عطب ـ ١ : ١٨٤».
(٢) الوهدة : المكان المطمئنّ. «الصحاح ـ وهد ـ ٢ : ٥٥٤».
(٣) الرّذاذ : المطر الضعيف. «الصحاح ـ رذذ ـ ٢ : ٥٦٥».
(٤) الوابل : المطر الشديد. «الصحاح ـ وبل ـ ٥ : ١٨٤٠».
(٥) الهطل : تتابع المطر. «الصحاح ـ هطل ـ ٥ : ١٨٥٠».