قوله تعالى :
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ
سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ
وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ [٢١٧]
١١١٢ / ١ ـ علي بن إبراهيم : إنه كان سبب نزولها : أنه لما هاجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة ، بعث السرايا إلى الطرقات التي تدخل مكة ، تتعرض لعير (١) قريش ، حتى بعث عبد الله بن جحش (٢) في نفر من أصحابه إلى نخلة ـ وهي بستان بني عامر ـ ليأخذوا عير قريش [حين] أقبلت من الطائف. عليها الزبيب والأدم والطعام ، فوافوها وقد نزلت العير ، وفيها عمرو بن عبد الله الحضرمي ، وكان حليفا لعتبة بن ربيعة. فلما نظر الحضرمي إلى عبد الله بن جحش وأصحابه ، فزعوا وتهيئوا للحرب ، وقالوا : هؤلاء أصحاب محمد ، وأمر عبد الله بن جحش أصحابه أن ينزلوا ويحلقوا رؤوسهم ، فنزلوا وحلقوا رؤوسهم.
فقال ابن الحضرمي : هؤلاء قوم عباد ليس علينا منهم [بأس] ، فلما اطمأنوا ووضعوا السلاح ، حمل عليهم عبد الله بن جحش ، فقتل ابن الحضرمي ، وقتل (٣) أصحابه ، وأخذوا العير بما فيها ، وساقوها إلى المدينة ، وكان ذلك في أول يوم من رجب من أشهر الحرم ، فعزلوا العير وما كان عليها ، ولم ينالوا منها شيئا.
فكتبت قريش إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنك استحللت الشهر الحرام ، وسفكت فيه الدم ، وأخذت المال ، وكثر القول في هذا ، وجاء أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : يا رسول الله ، أيحل القتل في الشهر الحرام؟
فأنزل الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ). قال : القتال في الشهر الحرام عظيم ، ولكن الذي فعلت بك قريش ـ يا محمد ـ من الصد عن المسجد الحرام ، والكفر بالله ، وإخراجك منه (٤) أكبر عند الله ، والفتنة ـ يعني الكفر بالله ـ أكبر من القتل.
ثم أنزلت عليه : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ
__________________
سورة البقرة آية ـ ٢١٧ ـ
١ ـ تفسير القمي ١ : ٧١.
(١) العير : القافلة. «مجمع البحرين ـ عير ـ ٣ : ٤١٨».
(٢) عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر الأسدي : صحابي ، قديم الإسلام ، هاجر إلى بلاد الحبشة ، ثم إلى المدينة ، وكان من أمراء السرايا ، وهو صهر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وابن عمته ، أخو زينب ام المؤمنين ، قتل يوم أحد شهيدا في ٣ ه ، فدفن هو والحمزة في قبر واحد. حلية الأولياء ١ : ١٠٨ / ١٣ ، الاصابة ٢ : ٢٨٦ / ٤٥٨٣.
(٣) في المصدر : وأفلت.
(٤) في المصدر : وإخراجك منها هو.