كلّ صغيرة وكبيرة ، فهذا ـ كما تعلميّن أيضاً ـ غير ثابت ، وذلك لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يخصّهما في شيء كما خصّ غيرهما.
وأهمّ ما نلاحظه أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يؤاخ بينه وبين أحدٍ منهما ، بل لم تذكر جميع كتب السير أنّه صلىاللهعليهوآله خصّهما في المشورة دون أصحابه ، أو أودعهما سرّه دون غيرهما من المسلمين ، أو ولاّهما على شيء قد اختصّا به ، بل بالعكس من ذلك ، فإنّ الحقيقة هي خلاف ما تذكرينه تماماً ، وذلك لشواهد :
أوّلاً : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله سدّ الأبواب المشرفة على المسجد ، ومنها باب أبي بكر وعمر ، ولم يميّزهما عن غيرهما ، وأبقى باب علي بن أبي طالب عليهالسلام مفتوحاً.
فقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : ( أمّا بعد ، فإنّي أُمرت بسدّ هذه الأبواب إلاّ باب علي ، فقال فيه قائلكم : والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ، ولكن أمرت بشيء فاتّبعته ) (١).
وروي أيضاً عن الإمام علي عليهالسلام أنّه قال : ( أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله بيدي ، فقال : إنّ موسى سأل ربّه أن يطهّر مسجده بهارون ، وإنّي سألت ربّي أن يطهّر مسجدي بك وبذرّيتك ، ثمّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك ، فاسترجع ثمّ قال : سمعاً وطاعة ، فسدّ بابه ، ثمّ أرسل إلى عمر ، ثمّ أرسل إلى العباس بمثل ذلك ، ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي ، ولكن الله فتح باب علي وسدّ أبوابكم ) (٢).
ثانياً : أنّه صلىاللهعليهوآله أمّر أُسامة بن زيد على الشيخين ، وعلى جمعٍ من الصحابة ، وكان فتىً صغيراً ، ولم يقدّم الشيخين في هذا الجيش؟
____________
١ ـ المستدرك ٣ / ١٢٥ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ١١٨ ، خصائص أمير المؤمنين : ٧٣ ، كنز العمّال ١١ / ٦١٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٣٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٩ ، المناقب : ٣٢٧ ، جواهر المطالب ١ / ١٨٦ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٦٩ و ٢٣٣ و ٣٩٨.
٢ ـ كنز العمّال ١٣ / ١٧٥ ، النزاع والتخاصم : ١١٧.