التقرّب إليه بأشياء نتوسّل بها إليه ، ولا نأتيه مباشرة من دونها ، سواء فُسّرت الوسيلة بالأعمال أم فُسرت بأهل البيت عليهالسلام ، فكلاهما شيء آخر غير الله نتقرّب به إلى الله تعالى.
٢ ـ قال تعالى : ( قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (١).
فها هم الخاطئون أمثالنا أخوة يوسف لم يستغفروا من الله مباشرة ، بل طلبوا الشفاعة والوسيلة من يعقوب عليهالسلام ليغفر الله لهم ، ولم يردّهم يعقوب عليهالسلام ، ولم ينكر القرآن ذلك ، فهذا يدلّ على الجواز وصحّة فعلهم ، وغفران الله تعالى لهم بحق وشفاعة يعقوب عليهالسلام لهم.
٣ ـ قال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) (٢) ، وهذا نفس مؤدّى الآية السابقة ، بل قد تبيّن هذه الآية انحصار غفران الله تعالى الأكيد للخاطئين والظالمين بالشفاعة والتوسّل دون دعائهم المباشر ، لأنّهم ملوّثون مجرمون ، قد لا يستجاب لهم دعاء ، فلا ضمان للإجابة والغفران إلاّ بهذا الطريق ، الذي فيه من التواضع والانكسار لأولياء الله الطاهرين ، الذين هم ليسوا آلهة ، وإنّما هم أُناس وبشر ، ولكنّهم أطاعوا الله حقّ طاعته ، وعرفوه حقّ معرفته ، فالاستشفاع بهم واتخاذهم وسيلة إلى خالقهم العظيم ، والسير معهم وبجانبهم ، يجعل الله تعالى ينظر للخاطئ الظالم المظلم بفضل النور الذي توسّل واستشفع به وقرن نفسه معه ، وكلّ ذلك نعمة وفضل من الله تعالى.
فهذه يا أختاه فلسفة التوسّل والشفاعة على فهمنا ، ويعضده اختبار الله تعالى لإبليس بالسجود والخضوع لآدم فأبى واستكبر ، وقال : أسجد لك سجدة لم يسجدها أحد قبلي ولا بعدي ، أو قال : أطلب منّي كلّ شيء أفعله لك سوى
____________
١ ـ يوسف : ٩٧ ـ ٩٨.
٢ ـ النساء : ٦٤.