وهل يعتبر كون القراءة صحيحة ، فلو ظنّ في إعرابها لم يثبت الكراهة احتمال. وكأنّ الأظهر خلافه بعد صدق اسم القرآن.
ومنها : مسّ المصحف فيما عدا الكتابة من الأوراق والجلد ، على ما نصّ عليه الشيخان (١) وجماعة. وعن السيد القول بالمنع.
وربّما يستفاد من عبارة الفقيه (٢) عدم كراهة مس الورق. والأصل في الحكم عبد الحميد : « المصحف لا تمسّه على غير طهر ولا جنبا ولا تمسّ خطّه ولا تعلّقه ، إنّ الله يقول : ( لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) (٣) » (٤).
وهي وإن كانت ظاهرة في المنع إلّا أنّها لضعفها وإطباق الأصحاب سوى الشاذ على خلافه لا ينهض حجّة على المنع ، فيثبت بها الكراهة.
نعم ، هناك تأمّل في دلالتها ؛ نظرا إلى احتمال حمل مسّ المصحف على مسّ الكتابة إلّا أنّ الأظهر صدقه على الأوراق المتضامّة بالدفتين كما لا يخفى.
ويؤيّده إرجاع الضمير في « ولا تعلقه » إليه ، فيعمّ الكراهة مسّ الجميع إلّا أنّ الكراهة منوطة بالاتصال بالكتابة ، فلو انفصل عند الجلد لم يكره في وجه قوي.
مضافا إلى أنّ النهي عن مسّ خطّه وتعليقه يدلّ عليه بالأولى.
وبناء على كون خطّه مصحفا عن خطّه كما في بعض النسخ ، ففيه شهادة بكون خطّ المصحف أعمّ منه وإلّا لكان تكرارا.
نعم ، في هذه الرواية دلالة على كراهة مسّ المحدث بالأصغر وتعليقه ، وهو غير معروف بين الأصحاب.
وممّا يدلّ على الكراهة في المقام ما في الصحيح من أنّ الجنب والحائض يفتحان المصحف
__________________
(١) المبسوط ١ / ٢٩ ، المقنعة : ٥١.
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ٨٧.
(٣) الواقعة : ٧٩.
(٤) تهذيب الأحكام ١ / ١٢٧ ، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها ح ٣٥.