ثمّ إنّ المشهور كما حكاه بعض الأفاضل تقييد الكراهة بعدم المضمضة والاستنشاق ، والأخبار مختلفة في ذلك ففي الصحيح المذكور التقييد بالوضوء ، وفي آخر : « غسل يديه ويتمضمض » (١) ، و « غسل وجهه وأكل وشرب » (٢).
وفي خبر السكوني المتقدّم ذكر غسل اليدين والمضمضة.
وفي صحيحة أخرى أنّه « يغسل يده والوضوء أفضل » (٣).
ثمّ إنّ الأظهر الاكتفاء بأحد الأمور المذكورة وإن كان بعضها أولى من البعض ، والجمع بين الأمور الغير المصادقة منها أكمل. وذكر خصوص المضمضة والاستنشاق لم يوجد في شيء من الأخبار سوى رواية الفقيه (٤) إلّا أنّ فيها زيادة غسل اليدين كما في كلام الصدوق.
وهل يرتفع الكراهة بذلك أو تخف به؟ وجهان ، ظاهر الأخبار وكلام الأصحاب هو الأوّل وإن كان ظاهر خبر المناهي إطلاق الكراهة إلّا أنّ قضية الجمع حملها على المقيّدات.
وهل يعتبر في ارتفاع الكراهة اتصافها بالأكل والشرب أو يكتفى بمجرد وقوعها في ارتفاعها؟ وجهان ، وقضية الإطلاقات هو الثاني.
ولا فرق من إيقاعها لأحد الأمرين أو لا لهما ؛ أخذا بالإطلاق (٥).
ولو تخلّل بينهما حدث غير الجنابة ففي الاكتفاء بذلك الوضوء إشكال.
ولا يبعد القول بانتقاض حكمه ؛ لما دلّ بإطلاقه على انتقاضه بطروّ النواقض.
وهل يعمّ الحكم المأكول والمشروب العاديين وغيرهما أو يخصّ بالأوّل؟ وجهان ، وقضية الأصل والإطلاق الحمل على الثاني إلّا أنّ ظاهر رواية السكوني تعميم الحكم لكلّ ما يذاق (٦) ، فالبناء عليه هو الأظهر.
__________________
(١) الكافي ٣ / ٥١ ، باب الجنب يأكل ويشرب ويقرأ ح ١٢.
(٢) الكافي ٣ / ٥٠ ، باب الجنب يأكل ويشرب ويقرأ ح ١.
(٣) تهذيب الأحكام ١ / ٣٧٢ ، باب الأغسال وكيفية الغسل من الجنابة ح ٣٠.
(٤) في ( ب ) : « الفقه ».
(٥) في ( ب ) : « الإطلاقات ».
(٦) في ( د ) : « يدان ».