كان
ذميمَ المنظر ، حقيرَ الخطر ، وإِنّ الجاهلَ مَنْ عصى الله وإنْ كان جميلَ المنظر
، عظيمَ الخطر » .
وفيه نقلاً من (
روضة الواعظين ) : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قيل له : ما العقل؟. قال : « العملُ بطاعةِ الله ،
وإنَّ العمّالَ بطاعةِ اللهِ هُمُ العقلاء » .
وفيه أيضاً ـ :
إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله مرّ بمجنون ، فقال : « ماله؟ ».
فقيل : إنّه
مجنون. فقال : « بل
هو مصابٌ ، إنّما المجنونُ مَنْ آثر الدّنيا على الآخرة » .
ألا ترى كيف
وصفه بالجنون؟ فيلزم اتّصافُه بالجهلِ بطريق الأولويّة.
وفي صحيح عبد
الله بن سنان ، قال : ذكرتُ لأبي عبد الله عليهالسلام رجلاً مبتلىً بالوضوء والصلاة ، وقلتُ : هو رجلٌ عاقلٌ.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام
: « وأيّ عقلٍ له وهو
يطيعُ الشيطان ». فقلتُ له : وكيف يطيع الشيطان؟. فقال : « سله ، هذا الذي يأتيه من أيّ شيء هو؟ فإنّه
يقولُ لك : عمل الشيطان » . انتهى.
فإذا كان
المطيعُ للشيطان في الوسواس في الطّهارة والصلاة مسلوباً عنه العقل ، فكيف بالمطيع
له في جميع الحالات وفي قتل الأئمّة الهداة؟ فقد ظهر ممّا تقرّر أنّه لا يسمّى
عاقلاً ، لا شرعاً ولا لغةً. أمّا شرعاً ؛ فلما سمعت.
وأمّا لغةً ؛
فلما تقرّر في علم المعاني : أنّ العالم غير العامل بعلمه ينزّل منزلة الجاهل لعدم
[ جريه ] على موجب علمه ، ومنه قولُه تعالى : ( وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ
فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا
يَعْلَمُونَ ) .
فأثبت لهم
العلمَ أوّلاً ، ثمّ نفاه عنهم أخيراً ؛ لعدم جريهم على مقتضى علمهم ، لأنّ مَنْ
لم يجرِ على مقتضى علمِه لا فرق بينه وبين الجاهل ؛ لاشتراكهما في مخالفةِ الحقّ
وانتفاء ثمرة العلم. وقد ينزّل وجودُ الشيء منزلةَ عدمه ؛ لعدمِ وقوعِهِ على وفق
__________________