والفوزِ بالسّعادة الأبديّة ، المشروطة بالأخذِ من الطرق الشرعيّة ،
المنصوبةِ من ربّ البريّة ، لا من الأهواءِ والآراء الرديّة ، والقياسات
والاستحسانات الاجتهاديّة.
وهذا الكلامُ
الذي أورده السائل ، هو بعضُ الخبر الذي رواه ثقةُ الإسلام الكليني في ( الكافي )
، والصدوقُ في ( المعاني ) ، والبرقي في ( المحاسن ) ، عن أبي عبد الله الصّادق عليهالسلام حيث سُئل عن العقل فقال : « ما عُبِدَ به الرّحمنُ
واكتُسِب به الجِنانُ ». قال : قلت : فالذي كان في معاوية؟. قال : « تلك النكراءُ ، تلك
الشيطنةُ ، وهي شبيهةٌ بالعقل وليست بالعقل » . انتهى.
فقولُهُ عليهالسلام : « ما
عُبِدَ به الرّحمنُ » ، إشارةٌ للقوّة النظريّة.
وقولُهُ : « واكتُسِب به الجِنانُ
» ، إشارةٌ إلى القوّة
العمليّة.
فبالأُولى
تُعرفُ المعارفُ الإلهيّة والأحكامُ الشرعيّة والأخلاقُ الحسنة النفسانيّة ،
وبالثانية يهذَّبُ الباطنُ والظاهر من الرذائل الشهوانيّة ، وبالعلم والعمل يتمّ
نظامُ عبادة الرّحمن واكتساب الجِنان.
وأمّا قولُهُ
سلّمه الله تعالى ـ : ( وعُصي
به الشيطان ) ، فليس في لفظ الخبر ، وهو مستغنى عنه بقوله « ما عُبِدَ به الرّحمن » ؛ [ فَإنّ ما عُبِدَ به الرّحمنُ ] عُصِي به
الشيطان ، وما عُصِي به الشيطانُ [ فقد ] عُبِدَ به الرّحمنُ.
وفي الخبر : « مَنْ أصغى إلى ناطقٍ
فقدْ عبدَهُ ، فإنْ كانَ عن الله فقد عَبَدَ اللهَ ، وإنْ كانَ عن الشّيطانِ فقد
عَبَدَ الشّيطانَ » .
وليس المرادُ
بالعقل هنا ما يقابل الرّشد ، وهو ما يوجبُ حصولُهُ رفعَ الحجر المالي عنه وإِنْ
كان فاسقاً أو كافراً أو منافقاً.
والنَّكْراء
بفتح النّون ، وسكون الكاف ، والمدّ ـ : بمعنى المنكر ؛ لكونها
قبيحةً
__________________