وهو صريحٌ في ما نريد ، وحمله بعضٌ على المَلَكِ ، وهو بعيد ، كما لا يخفى على ذي رأي سديد.
وقوله عليهالسلام في الخبر الثاني : « اكتسع فذهب » ، إمّا من باب اكتسع الفحل : إذا خطر فضرب فخذيه بيديه ، واكتسع الكلب بذنبه : إذا استثفر (١) ، أو من اكتسع : بمعنى تأخّر. ولعلّ الأوّل أنسب وأظهر.
١٤ ـ ومنها : ما رواه شيخ الطائفة قدّس سره ونوّر قبره موثّقاً عن حَنَان بن سَدير الصيرفي ، قال : ( صلّيت خلف أبي عبد الله عليهالسلام فتعوّذ بإجهار ، ثمّ جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) (٢).
١٥ ـ ومنها : ما رواه ابنه الشيخ حسن في مجالسه ، بإسناده إلى أبي حفص الصائغ ، قال : ( صلّيت خلف جعفر بن محمَّد عليهالسلام ، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) (٣).
١٦ ـ ومنها : ما رواه الحِمْيري في ( قرب الإسناد ) ، عن محمّد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن محمّد ، قالا : ( صلّينا المغرب خلف أبي عبد الله عليهالسلام فتعوّذ بإجهار ، ثمّ جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) (٤).
أقول : لا يخفى على ذي بال أنّ هذه الأخبار الثلاثة وإنْ كان موردها الإمام ومورد الأخير الصلاة الجهريّة ، إلّا أنّها لا دلالة فيها على الاختصاص بالأُوليين إنْ لم يظهر منها الشمول للأخيرتين ، فإنّ الراوي لها عمّم في إخباره المقال ، ولو اختصّ الجهر ببعض الركعات لأخبر عنه الراوي ، وبالإخفات في ما سواه بلا إشكال.
ولفظ التعوّذ لو دلّ على الاختصاص لأفاد الاختصاص بالركعة الأُولى ، ولا قائل به من علمائنا الأبدال.
وتتميم الاستدلال بعدم القول بالفصل مستلزمٌ لاطّراح ظاهره على كلّ حال ، كما لا يخفى على مَنْ عرف الرجال بالحقّ ، لا الحقّ بالرجال ، ونظر إلى ما قيل ، لا إلى مَنْ
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٨٩ / ١١٥٨.
(٢) الأمالي ( الطوسي ) : ٢٧٣ / ٥١٣.
(٣) قرب الإسناد : ١٢٤ / ٤٣٦ ، بتفاوتٍ يسيرٍ ، الوسائل ٦ : ٧٥ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٢١ ، ح ٣.
(٤) الخلاف ١ : ٣٢٦ ـ ٣٢٧ ، المبسوط ١ : ١٠٥.