وحينئذ فيدخل منكره من حيث هو في منكر الضروري بالدليل القطعي.
ولهذا ورد في بعض الأخبار النهي عن الصلاة خلف من لا يجهر بها ، وهو ما رواه أبو الحسن الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي في ( أزهار الرياض ) ، قال : ( وجدت في كتابٍ عتيق مصحّح من كتب الحديث لأصحابنا الإماميّة رضوان الله عليهم حديثاً هذه صورته : سئل الصادق عليهالسلام عمّن لا يجوز الصلاة خلفه؟ قال : « لا تصلِّ خلف مَنْ لا يمسح على الرجلين ، ولا خلف مَنْ لا يقنت في الركعتين قبل الركوع ، ولا خلف مَنْ لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، ولا خلف مَنْ لا يؤمن بالرجعة ، ولا خلف مَنْ لا يقول : إنّ الإمام معصوم ، ولا خلف مَنْ يمسح على الخفّين » ) .. إلى آخره. وهو حديثٌ طويل ، أخذنا منه موضع الحاجة ، وسيأتي إنْ شاء الله تعالى بتمامه وكماله عند الاستدلال بالأخبار.
ولا يخفى ما في ذكره مع ما هو من ضروريّات المذهب من الدلالة على المطلب.
بل قد اعترف خصومنا الأشرار باختصاصنا بهذا الشعار ، وأنّه مذهب أهل البيت الأطهار.
ففي تفسير الرازي : ( قالت الشيعة : السنّة هي الجهر بالتسمية ، سواء كانت في الصلاة السريّة أو الجهريّة ، وجمهور الفقهاء يخالفونهم فيه ) (١).
وفيه أيضاً : ( إنَّ عليّاً عليهالسلام كان مذهبه الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات ) (٢).
وفيه أيضاً بعد نقله الجهر عن ابن الخطاب ، وابن عباس ، وابن عمر ، وابن الزبير ـ : ( وأمّا إنَّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام كان يجهر بالتسمية ، فقد ثبت بالتواتر ، ومَنْ اقتدى في دينه بعليِّ بن أبي طالب فقد اهتدى. والدليل عليه قوله عليهالسلام
اللهم أدِرِ الحقَّ مع عليٍّ حيث دارَ
) (٣). وفيه أيضاً : ( إنَّ عليّاً عليهالسلام كان يبالغ في الجهر بالبسملة ، فلمّا وصلت الدولة إلى بني أُميّة بالغوا في المنع من الجهر ، سعياً في إبطال آثار عليّ عليهالسلام ) (٤). انتهى.
ومتى ثبت أنَّه مذهب أمير المؤمنين ثبت أنّه مذهب شيعته الميامين.
__________________
(١) التفسير الكبير ١ : ١٧٠. (٢) التفسير الكبير ١ : ١٦٨.
(٣) التفسير الكبير ١ : ١٦٨. (٤) التفسير الكبير ١ : ١٦٩.