احتمل أنْ يكون جميع المذكور في الباب من كلام والده المبرور ، فهو نورٌ
على نور.
وأمّا السيّد
المرتضى رحمهالله ، فلم يتعرّض لقراءة المأموم في انتصاره ولا ناصريّاته
، وإنّما اقتصر فيهما على الوجوب التخييري في الأخيرتين بين القراءة والتسبيح ،
ولعلّه أراد ما يشمل المأموم ، فلعلّ ما في ( مجمع الأحكام ) مستند إلى ذلك
الإطلاق والعموم ، ولكن قال في ( المختلف ) ما لفظه :
( وقال السيّد
المرتضى : لا يقرأ المأموم خلف الموثوق به في الأُوليين في جميع الصلاة من ذوات
الجهر والإخفات ، إلّا أن يكون صلاة جهر لم يسمع فيها المأموم قراءة الإمام ،
فيقرأ كلّ واحدٍ لنفسه. وهذه أشهر الروايات ، وروى أنّه لا يقرأ في ما جهر فيه
الإمام ، وتلزمه القراءة في ما يخافت فيه الإمام ، وروى : أنّه بالخيار في ما خافت
فيه ، فأمّا الأخيرتان فالأوْلى أن يقرأ المأموم ، أو يسبّح فيهما. وروى : ليس
عليه ذلك ) . انتهى.
ولا يخفى أنّ
تعبيره بالأولويّة غير صريحٍ في الوجوب إنْ لم يكن صريحاً في عدمه ، فلا يوافق ما
نقله أوّل الشهيدين عنه من استحباب قراءة الفاتحة ، ولا ما نقله عنه في (
مجمع الأحكام ) من وجوب إحداهما تخييراً إلّا بالتصرّف في لفظ الأُولى. وظاهره
أيضاً عدم الفرق بين أخيرتي الجهريّة والإخفاتيّة.
وأما
الشيخ قدسسره فعبارته التي نقلناها عنه سابقاً من ( التهذيب ) إنّما تدلّ
على حرمة القراءة مطلقاً ، إلّا في الصلاة التي لا يسمع فيها ولا همهمة ، وإنّ
الواجب على المأموم التسبيح أو التهليل.
نعم ، عبارته
في ( النهاية ) صريحة في استحباب قراءة الفاتحة في الإخفاتيّة مطلقاً ، قال رحمهالله : ( وإذا تقدّم مَنْ هو بشرائط الإمامة فلا تقرأنَّ
خلفه سواء كانت الصلاة ممّا يجهر فيها بالقراءة أو ممّا لا يجهر ، بل تسبّح مع
نفسك ، وتحمد الله تعالى وإنْ كانت الصلاة ممّا يجهر فيها بالقراءة فأنصت للقراءة
، فإنْ خفي عنك قراءة الإمام قرأت لنفسك ، وإنْ سمعت مثل الهمهمة من قراءة الإمام
جاز لك إلّا تقرأ ، وأنت مخيّرٌ في
__________________