المسموم في مكان مباح ، فيه مظنة أكل الجاهل ، لم يبعد الضمان ، نظرا إلى حصول التغرير عرفا.
وهل يلحق بذلك فعل ما يحتمل فيه ذلك قصدا للتلف؟
فيه وجهان : من كونه فعلا سائغا ، فلا يتعقّبه ضمان. ومن قصده الهلاك ، فيشبه المباشرة بآلة غير قتالة.
وقد تحصّل مما فصّلناه من مفاد الأدلّة : أنّ موجبات الضمان على الضابطة الكلّية ، في غير إثبات اليد الغير المحقة ، ثلاثة :
الأوّل : إيجاد علّة التلف بلا واسطة ، أو بواسطة معلولها ، وهذا يسمّى بقسميه بالمباشرة.
والثاني : إيجاد ما يستلزم علّة التلف عادة من غير علّة مطلقا ، أو بتأثيره في مباشرة غيره المختار في فعله لجهله ، وهذا بقسميه يسمّى بالتسبيب بالمعنى الأخصّ ويسمّى الملزوم بالسبب.
وفي هذين القسمين يصحّ إضافة التلف عرفا إلى المباشر أو ذي السبب ، ولو اتّساعا شائعا في الثاني ، ولذا يوجبان القود عمدا في النفس والغرامة في المال مطلقا ، على ما مضى.
والثالث : إيجاد ما يتوقف تأثير علّة التلف على وجوده من غير تأثير ولا استلزام ، ويسمّى بالشرط. وهو يوجب الضمان المالي ، إذا كان عاديا مطلقا ، نفسا كان التالف أو مالا ، ولا يوجب الضمان مطلقا ، إن لم يكن عاديا.
ثم إنّك ترى كلماتهم غالبا مختلفة في تعريف السبب ، وفي الفرق بينه وبين الشرط ، حتى من مصنّف واحد في كتاب واحد ، كما وقع للعلّامة ، في القواعد (١)
__________________
(١) قواعد الأحكام ٢ : ٢٢٢.