أمّا على الأوّل : فلا ينبغي الشك في عدم جريان استصحاب العدم المتقدم على الوجود ، لانقطاعه رأسا.
وعلى الثاني : فالظاهر تقديم العمل باستصحاب العدم ، لإمكان بقاء العدم السابق على الوجود في زمان الشكّ حسب ما ذكر ، وعدم صلاحية الحكم الوجوديّ الثابت في زمان اليقين للبقاء في الزمان اللاحق ، لتقومه بنفس الزمان السابق ، فلا يجري فيه الاستصحاب. وعلى هذا ، إذا وقع الخلاف بين المالك والمستأجر في مدّة الإجارة في الزيادة والنقصان ، يقدم الناقص ، وعلى مدعي الزيادة الإثبات.
وعلى الثالث : ففيه وجهان :
من جريان الاستصحابين ، لإمكان بقاء كلّ من المستصحبين على حسب ما ثبت في زمان حصوله ، فيتعارضان ، فيتساقطان ، لامتناع العمل بمقتضى الوجود والعدم بالنسبة إلى حكم واحد.
ومن قوة احتمال عدم انصراف الأخبار إلى اليقين المنفصل عن زمان الشكّ بيقين آخر يخالفه ، وظهوره في اليقين المتّصل به ، ففي الخيار المتردّد بين الفور والاستمرار يعمل بمقتضى استصحاب الخيار بعد الفور ، دون استصحاب عدمه السابق على وجوده.
الثالث : قالوا : أصل البراءة لا يعارض الاستصحاب.
والظاهر : أنّ مرادهم منه في غير ما إذا كان الأصل مزيلا للاستصحاب على التقرير الذي ذكرناه ، وإلّا فلا خلاف في البناء على مقتضى الأصل ، وتقدّمه على مقتضى الاستصحاب ، كما إذا حصل للمكلّف مال يوجب استطاعته للحجّ به لو لا الدين عليه ، وشكّ في الدين ، فإنّه يبنى ـ حينئذ ـ على أصل البراءة من الدين ، ولا يعمل باستصحاب عدم الاستطاعة.
ووجهه ما تقدّم بعينه في تعارض الاستصحابين.