مقدمة لتحصيله ، كالمسافرة للتجارة ونحوها ، مما يرتكبه العقلاء في معاشهم ومكاسبهم ، فلا يعدّ تلف المال أو تحمل المشاق فيه من أصله ضررا ، وخارج عن موضوعه عرفا ، وإن لم نقل بخروج العسر عن موضوعه حينئذ وبه يفترق العسر عن الضرر.
وإن كان العوض تداركا وجبرا للضرر الواقع ، فالظاهر عدم خروجه به عن موضوع الضرر ، ولو بعد درك العوض لظهور الفرق بين المنع عن الضرر وجبره ، كيف وإلّا لم يبق مورد لتحريم الإضرار عند تعلّق الضمان ، فلا تغفل.
ثم لا شك في أن قوله عليهالسلام : « لا ضرر ولا ضرار » ليس على معناه الحقيقيّ ، ضرورة وقوع الضرر فوق ما لا يحصى ، فهو مقيّد بما يرجع إلى الدين ، كما يرشد إليه قوله عليهالسلام : « في الإسلام » في بعض الروايات. وتوجيه الخبر ـ حينئذ ـ بأحد احتمالات ، قال بكلّ قائل.
أحدها : إرادة التحريم بحمل النفي على النهي أو نفي الجواز الأقرب إلى الحقيقة. قيل به لكون الخبر في مقام الحكم ، لا الإخبار عن صفة الإسلام.
وثانيها : إرادة نفي الضرر المجرّد عن التدارك الخارج به عن صدق الضرر عرفا ، تنزيلا لإلزام الشارع بتداركه منزلة وقوعه الرافع لصدق الضرر ، فالمعنى لا ضرر ، لم يلزم الشارع تداركه.
وثالثها : إرادة نفي ماهيّة الضرر في دين الإسلام ، بمعنى أنه لم يشرع فيه حكم يوجب الضرر ، فكان الإسلام ضارّا أو مضارّا. وبعبارة أخرى : نفي الحكم الشرعي الذي يوجب الضرر على العباد ، أي : يلزم من العمل به ضررهم ، سواء كان طلبيا أو وضعيا ، كما أنّ حكم الشارع بلزوم البيع مع الغبن ضرر على المغبون ، فهو منفيّ في الشريعة في حقّ الجاهل ، وأمّا العالم به ، فليس منشأ الضرر حكم الشارع.