تتميم : اختلفوا في الضمان في موارد من باب الشروط ذكروا أمثلتها.
ومنشأ الخلاف فيها أمور :
منها : كون الباعث للضرر تصرف المالك في ملكه ، كما في تأجيج النار وإرسال الماء فيه الموجبين لضرر الجار ، وفتح باب داره الموجب لخروج دابة الغير ، وأمثال ذلك ، نظرا إلى تعارض قاعدة الضرر ـ حينئذ ـ لقاعدة التسلط على المال.
ولا يذهب عليك عدم منافاة هذا الخلاف لاتفاقهم على عدم الضمان في حفر البئر في ملكه ، لأنّ السبب القريب لضرر الوقوع في البئر فعل المتضرّر نفسه ، وهنا نفس الشرط ، بل لا يبعد كون الضرر هنا من المباشرة أو السارية ، ولذا لو علم ضرر الجار مع كون التصرف زائدا عن الحاجة حصل الضمان قولا واحدا ، إمّا من جهة كونه من باب مباشرة الإتلاف ، كما ذكر أو كونه من إيجاد السبب المستلزم لعلة التلف ، وأيّهما كان يوجب الضمان بلا خلاف معروف ، كما عرفت.
وأما مع عدم العلم بضرر الجار ، أو تضرّر المالك بترك التصرف ، فقد اختلفوا فيهما ، باعتبار تعارض القاعدتين ، وقد تقدّم منا مرارا تقدّم قاعدة الضرر ، وكونها واردة على قاعدة التسليط ، ونشير إلى وجهه هنا أيضا ، وهو ظهور حديث : « الناس مسلّطون » في كونه منساقا في مقام بيان السلطنة المالكية بالأصالة ، لا تشريع الآثار المترتبة على الملك ، من اللوازم الشرعية ، وعدم احتماله للعوارض اللاحقه المانعة والأسباب الطارية الناسخة لآثاره ، وقاعدة الضرر في بيان السبب العارض المزيل لبعض الآثار والتصرفات الأصلية ، نظير التخمة الموجبة لحرمة أكل مال نفسه ، وتنجّس طعامه المزيل لحلّيته ، مضافا إلى أنّ : « الناس مسلّطون » في بيان الإباحة الشرعية وهي لا تنافي الضمان في الحكم الوضعي.