وثانيهما : إنها تدلّ على وجوب الوفاء بما التزم به المسلم ، إلّا ما استثنى ، للتبادر المعتضد بفهم العلماء في جميع الأعصار ، في أبواب الفقه ، من غير نكير ، ولكونها جملة خبرية مستعملة في الإنشاء بقرينة الاستثناء ، ولزوم الكذب لولاه ، وظاهرها الوجوب ، ولاستدلال الإمام عليهالسلام على وجوب الوفاء ، بكون المسلمين عند شروطهم ، في جملة منها ، وتصريح بعضها بالوجوب ، كما في قوله عليهالسلام في موثق عمار : « فليف به » ، فالاستشكال في دلالتها على الوجوب لا وجه له.
المطلب الثالث : في أنّ انعقاد الشرط يختصّ بالمذكور في متن العقد ، لا بما لا يقع في العقد أصلا ، أو المذكور في أحد طرفيه قبله أو بعده.
أمّا الأوّل : فلاختصاص دلالة الأخبار بالوجهين المذكورين به دون غيره.
أمّا بالوجه الأوّل : فلأن الاستحقاق له عليه من جهة جزئية العقد ، فلا يتناول الفاقد للعقد.
وأمّا بالثاني : فلأنّ مقتضاه مجرد وجوب الوفاء ، وهو حيث لا يتعلق بما في ضمن المعاملة لا يفيد غير مطلق التكليف والعصيان في الترك ، لا اشتغال الذمة بحقّ الغير ، على سبيل سائر الحقوق المالية التي يمكن استيفاؤها من ماله مع المخالفة ، وهذا غير المبحوث عنه في المقام ، بل الظاهر الاتفاق على أنّ وجوب الوفاء في باب الشرط من القسم الثاني ، مضافا إلى إمكان منع صدق الشرط على مجرّد القول الخالي عما يوجب اللزوم من سبب شرعي أو عرفي ، ولا أقلّ من الشكّ في صدقه القادح في الاستدلال بها على مطلق الوجوب أيضا ، بل القدر المتيقّن في الصدق كونه مقترنا بعقد ونحوه ، ومعه يحصل الاستحقاق للمشروط له ـ أيضا ـ بما مرّ من وقوع الالتزام على هذا الوجه. والظاهر أنّ هذا سرّ تخصيصهم الشرط بما في ضمن العقد ، دون الواقع في خارجه ، ومنه ينقدح وجه عدم لزوم الوفاء بالشرط الواقع في ضمن العقد الفاسد أو المنفسخ بالتقايل ؛ لانتفاء حكم الجزئية الموجب للزوم بانتفاء الكلّ.