يوجد بإيجاد مغاير لإيجاد الصوت ، فلا يدلّ الترغيب به على الترغيب به. وعلى الثاني : بمنع كون مطلق الترجيع غناء. وعليهما : بمعارضتهما للأخبار المانعة ، كخصوص رواية عبد الله بن سنان المتقدّمة ، الناهية عن لحون أهل الفسوق ، الذامّة لترجيع الغناء والرهبانية في القرآن (١).
مدفوع بما في الأوّل ، من أنّ الغناء في كلام جماعة من أصحاب اللغة ، هو الصوت المشتمل على الترجيح. ولو سلّم ، فتحسين الصوت غالبا بالترجيع ، ولا أقلّ من كون المشتمل عليه من أفراده ، فالأمر بالصوت الحسن أمر بالمركّب من العارض والمعروض ، وهو ينافي حرمة العارض ، مع أنّ في بعض الأخبار الأمر بتحسين الصوت ، والترجيع من أفراده.
وبما في الثاني ، من شموله للغناء قطعا ، لو لم يتّحد معه ، وهو كاف في الاستدلال.
وبما في الثالث ، أوّلا : فيما مرّ من ضعف دلالة المعارض في مورد البحث ، بل دلالة الخبر المذكور على الترغيب بنوع منه ، فلعلّ النهي عن نوع آخر مستعمل عند أهل المعصية ، من جهة خروج القراءة به عن صدق التلاوة عرفا ، كما أشرنا إليه.
وثانيا : على تسليم دلالة العمومات المانعة من التعارض مع المجوّزة بالعموم من وجه ، فيرجع إلى الأصل المقتضي للجواز أيضا.
وموافقة الأولى للكتاب ، بضميمة الأخبار المفسّرة ، لو أغمضنا عما فيه من المناقشات السابقة ، معارضة لموافقة الثانية له ـ أيضا ـ في قوله تعالى ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) (٢) بضميمة تفسيره في رواية أبي بصير : بأنّه المكث فيه ، وتحسين الصوت به.
ومنها : الغناء في سائر الفضائل ، من الخطب والمناجاة والدعاء وغيرها من الكلمات
__________________
(١) الكافي ٢ : ٦١٤ ، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ، الحديث ٣.
(٢) المزّمّل (٧٣) : ٤.