باب ما أوله العين
( عرش )
قوله تعالى : ( وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) [ ١١ / ٧ ] أي ما كان خلق تحته إلا الماء قبل خلق السماوات والأرض وارتفاعه فوقها. قال الشيخ أبو علي : وفيه دلالة على أن الْعَرْشَ والماء كانا مخلوقين قبل السماوات والأرض ـ انتهى (١).
وَفِي حَدِيثِ الْمَأْمُونِ وَقَدْ سَأَلَ الرِّضَا عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ) الْآيَةِ. قَالَ عليه السلام : إِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الْمَاءَ وَالْعَرْشَ وَالْمَلَائِكَةَ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَدِلَّ بِنَفْسِهَا وَبِالْعَرْشِ وَبِالْمَاءِ عَلَى اللهِ تَعَالَى ، ثُمَّ جَعَلَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ لِيُظْهِرَ بِذَلِكَ قُدْرَتَهُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَيَعْلَمُوا ( أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، ثُمَّ رَفَعَ الْعَرْشَ بِقُدْرَتِهِ وَثَقَّلَهُ فَجَعَلَهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ثُمَ ( خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) وَهُوَ مُسْتَوْلٍ عَلَى عَرْشِهِ ، وَكَانَ قَادِراً أَنْ يَخْلُقَهُمَا فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ ، وَلَكِنَّ اللهَ خَلَقَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ لِيُظْهِرَ لِلْمَلَائِكَةِ مَا يَخْلُقُهُ مِنْهَا شَيْئاً بَعْدَ شَيْءٍ ، فَتَسْتَدِلَّ بِحُدُوثِ مَا يَحْدُثُ عَلَى اللهِ تَعَالَى مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ، وَلَمْ يَخْلُقِ اللهُ الْعَرْشَ لِحَاجَةٍ بِهِ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنِ الْعَرْشِ وَعَنْ جَمِيعِ مَا خَلَقَ ، لَا يُوصَفُ بِالْكَوْنِ عَلَى الْعَرْشِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ تَعَالَى عَنْ صِفَةِ خَلْقِهِ عُلُوّاً كَبِيراً (٢).
وَفِي حَدِيثِ زَيْنَبَ الْعَطَّارَةِ « السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ وَالْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَجِبَالُ الْبَرَدِ وَالْهَوَاءُ وَحُجُبُ النُّورِ وَالْكُرْسِيُّ عِنْدَ الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ ».
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله أَنَّهُ قَالَ : « خَلَقَ اللهُ مَلَكاً تَحْتَ الْعَرْشِ فَأَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ طِرْ ، فَطَارَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ
__________________
(١) مَجْمَعِ الْبَيَانِ ج ٣ ص ١٤٤.
(٢) الْبُرْهَانِ ج ٢ ص ٢٠٨.