وقد فشل في سياسته من الضغط على الحسين عليه السلام عن طريق منع الهاشميين جوائزهم ، ولم يزدهم إلاّ تضامناً مع الإمام الحسين عليه السلام في رفضهم بيعة يزيد ، وقد أخذها لهم ابن عباس لسانهم المعبّر عنهم وكبير شأنهم ، فأرغم معاوية على الإنصياع خاسئاً وهو حسير.
قال ابن أعثم في الفتوح ـ وقد ذكر نحو ما تقدم ـ ثمّ قال : ( فتبسم معاوية وقال : بل تعطون وتكرمون وتزادون أبا محمّد.
قال : ثمّ أمر معاوية لبني هاشم بجوائز سنية ، فكلٌ قبل جائزته إلاّ الحسين بن عليّ فإنّه لم يقبل من ذلك شيئاً ) (١).
والذي يلفت النظر تكنية معاوية لابن عباس بأبي محمّد ، ولم يذكر ذلك أحد في كناه ، فقد كان يكنى أبا العباس باسم ابنه العباس وهو أكبر ولده (٢) ، على أنّه كان له ولد اسمه محمّد ذكره ابن الكلبي في ( جمهرة النسب ) وقال : ( لا بقية له ) (٣) ، فلعلّه كانت ولادته في تلك الأيام فكنّاه معاوية باسمه إستلطافاً وإستدراجاً ، والله العالم بحقائق الأمور.
وبهذه المحاورة أنتهت محاوراته مع معاوية ولم يلتقيا بعدها. فكانت محاورات ابن عباس مع معاوية تميّزت كمّاً وكيّفاً على بقية الآخرين ممن حاورهم محتجاً وناصحاً وهادياً ، وإذا سلّطت الأضواء على الجانب الأدبي
____________________
(١) الفتوح ٤ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥.
(٢) مرّّ بالجزء الأوّل ما يتعلق بهذا فراجع.
(٣) جمهرة النسب / ١٤٠.