فقال : صلوات الله على أبي الحسن عليّ ، كان والله علم الهدى ، وكهف التقى ، ومحل الحجى ، وبحر الندى ، وطود النهى ، وعلماً للورى ، ونوراً في ظلم الدّجى ، وداعياً إلى المحجة العظمى ، ومستمسكاً بالعروة الوثقى ، وسامياً إلى الغاية القصوى ، وعالماً بما في الصحف الأولى ، وعاملا ً بطاعة الملك الأعلى ، وعارفاً بالتأويل والذكرى ، ومتعلقاً بأسباب الهدى ، وحائداً عن طرقات الردى ، وسامياً إلى المجد والعلى ، وقائماً بالدين والتقوى ، وسيد من تقمص وارتدى بعد النبيّ المصطفى ، وأفضل من صام وصلى ، وأجل من ضحك وبكى ، صاحب القبلتين ، وهل يساويه مخلوق ، كان أو يكون ، كان والله للأُسد قاتلاً ، وللبهم في الحرب خاتلاً ، على مبغضيه لعنة الله ولعنة العبَاد إلى يوم التناد ) (١).
ولم يترك معاوية حيلة تبلغه حاجته في ابن عباس إلا أتاها ، لكن ابن عباس كان أوعى من أن تنطلي عليه أساليب خداع معاوية ، وتبقى نقطة الخلاف بينهما ساخنة ، ما دامت المواقف متباينة ، فمعاوية يمثل الحقد الأموي بجميع أبعاده ، وابن عباس يمثل عزّة آبائه وأجداده بقوّة إيمانه وإعتقاده ، وفي القمة ولاؤه للإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وهذا ما كان يغيض معاوية فيتميز غيظاً عند سماع ابن عباس يتحدث عن الإمام عليه السلام ، فقد كان يجمل ويطنب كلّما دعت الحاجة إلى ذلك ، وكلّما بدت البغضاء من أفواه معانديه ، ولو جُمعت كلماته في هذا الشأن لكانت خير مدرسة ولائية.
____________________
(١) الدرجات الرفيعة / ١٢٣.